على نفسها جنت مملكة داعش
محمد المنصور
كشف العدوان السعودي الامريكي التحالفي على اليمن عن طبيعة أهدافه الاجرامية ومنذ الأيام الاولى، مسقطا بذلك كل ادعاءاته ومزاعمه المعلنة بشأن تلك الأهداف، فأمام مشاهد القتل والمجازر الوحشية وتحت ركام البيوت والمنشآت والمزارع والطرق والجسور المدمرة والآثار الحضارية المستهدفة تجلت طبيعة الحقد السعودي الهمجي على اليمن أرضا وإنساناً وحضارة ودور مستقبلي ، وبان لكل يمني حر شريف غيور على وطنه وعرضه أن العدوان انما يستهدف وجود الكيان الوطني لليمن، كما نعرفه ونحبه ونتمناه ، ولا يستهدف عودة الشرعية المزعومة لهادي ، أو التصدي للنفوذ الايراني المتوهم في اليمن .
قلة قليلة من المرتزقة وعبيد الريال السعودي من هللوا للعدوان ، وانخرطوا فيه وهاجروا الى الرياض زرافات ووحدانا ، تحدوهم أحقادهم الشخصية ، ومصالحهم الانانية ، وأيديولوجياتهم العدائية لغيرهم ، وتشبثهم بالسلطة التي فقدوها بثورة الشعب العارمة في 21سبتمبر 2014م ، وفقدت معها جارة السوء السعودية ما كان لها من نفوذ وسطوة وقرار نافذ في كل شؤون اليمن منذ 1970 م .
بالطبع لم تكن السعودية لتقدم على مغامرتها وعدوانها على اليمن بمفردها ، فالعدوان وطبيعته واتساعه قد جرى الاعداد له منذ أمد بعيد ، وبالتنسيق والتعاون العسكري والاستخباري مع الادارة الامريكية وبريطانيا وفرنسا والكيان الصهيوني والدول الاقليمية، وجاء العدوان في توقيته متزامنا مع توقيع الاتفاق النووي الايراني مع الدول 5+1، وشعور السعودية بالحاجة لتعويض خساراتها دعم امريكا والغرب لها في مواجهة ايران التي سيمكنها توقيع الاتفاق النووي من رفع العزلة عنها والانفتاح الغربي عليها ورفع الحصار والعقوبات المفروضة عليها منذ قيام الثورة الاسلامية عام 1979م ، والاهم من ذلك احتفاظ ايران ببرنامجها النووي للأغراض السلمية .
في الحقيقة كان العدوان السعودي على اليمن مبنيا على حسابات سعودية داخلية في الأساس تتعلق بنظام الحكم الجديد والرغبة في تحقيق انتصار سريع وسهل في اليمن يضمن لمحمد بن سلمان مكانة وسيطرة في الحكم تحول دون نشوء اية معارضة لحكم ابيه من داخل الأسرة الحاكمة ، بحيث يضمن ابن سلمان الوصول للحكم والتفرد به دون منافس ودونما اعتراض .
لم يكن القول بمحاربة النفوذ الايراني في اليمن كهدف للعدوان السعودي الامريكي التحالفي سوى مبرر لدغدغة مشاعر التيار الوهابي السعودي الخليجي المتعطش لخوض الحروب المذهبية في السعودية وخارجها ، وضمان اصدار الفتاوى التكفيرية والمبررات المختلفة لقتل اليمنيين ، ومن ثم انخراط الدواعش وجيوش المرتزقة في الحرب والعدوان على اليمن كما هو حاصل حصل منذ اليوم الأول للعدوان على بلادنا.
كانت السعودية ومن خلال عملائها النافذين والمتحكمين في السلطة منذ عشرات السنين تعلم يقينا انه لا وجود للنفوذ الايراني المزعوم، بل انه يمكن القول انه لو وجد النفوذ الايراني بالشكل الذي يروج له اعلام التضليل لما تجرأت السعودية على القيام بعدوانها السافر على اليمن .
فشلت السعودية في جر ايران الى صراع – كان سيكتسي اللون المذهبي – في اليمن وتركت السعودية تواجه اوهامها لتصطدم بصخرة الصمود لشعب لا يعرف الاستسلام ولا اليأس ، وتغرق في مستنقع اجرامها ومجازرها بحق اليمنيين لتبدو حقيقتها الداعشية اليوم واضحة للعالم أكثر من أي وقت مضى .
في شهور العدوان المنصرمة تعرّت السعودية وانفضح اسلامها المزعوم ، وباتت ولأول مرة في تاريخها في مرمى الاتهام بارتكاب المجازر والقتل من معظم المنظمات الدولية ، وعلى الصعيد الاعلامي والسياسي تبدو السعودية بحجم جرائمها بحق اليمنيين تتفوق على صديقتها اسرائيل بما ارتكبته بحق الفلسطينيين والعرب منذ نشوء الكيان الصهيوني . تآكلت وبسرعة الصورة الرمزية للسعودية على المستوى العربي والانساني بعدوانها الهمجي على اليمن ، وتزايدت اخفاقاتها السياسية والعسكرية والاعلامية ، وبنتيجة القصور والاهمال بحق الحجاج الذي تسبب في قتل الالاف منهم هذا العام، وعجزها الفاضح عن القيام بواجبها خسرت السعودية صورتها التي دأبت على تسويقها دعائيا كدولة الاسلام الأولى وكراعية للحرمين الشريفين ، وهي الدعاية التي كانت تمنحها شرعية ما في أوساط عوام المسلمين .
حصاد الشهور المنصرمة من عمر العدوان على اليمن كان مريرا بالنسبة للسعودية ومرتزقتها، في كل الجبهات والساحات من المواجهة مع الغزاة والمرتزقة في اليمن .
نعم هو عجز سعودي فاضح عن تحقيق إنجاز عسكري أو سياسي يبرر انفاق عشرات المليارات على جيشها الكرتوني، وعقد صفقات لاستيراد أحدث الأسلحة وأشدها فتكا ، واستقدام عشرات الجيوش وآلاف المرتزقة ، والاستعانة بمخابرات امريكا واسرائيل والغرب واقمارها الصناعية وبوجود الالاف من عملائها ومرتزقتها في الداخل اليمني .
فشلت السعودية وتحالفها العدواني في هز ثقة اليمنيين بأنفسهم وخياراتهم الاستراتيجية في التصدي للعدوان وأدواته وإفشال أهدافه مهما غلت التضحيات .
وفي سياق التبرير والتغطية للعدوان عملت السعودية على شراء المواقف وجيرت الامم المتحدة والجامعة العربية ومنظمة التعاون الاسلامي لصالح التغطية على العدوان والحصار الجائر على اليمن ، بالمقابل فإنها زادت اليمنيين اصرارا على التمسك بموقفهم الرافض للعدوان ومبرراته وذرائعه ، وفي هذا السياق سقط هادي ومرتزقة الرياض من كل حسابات المستقبل اليمني في أية تسوية سياسية قادمة .
فشلت السعودية في حربها الناعمة المضللة على الشعب اليمني ، برغم تسخيرها وتوظيفها لمعظم الصحف والقنوات ووسائل الاعلام العربية وغير العربية ، وشراء آلاف الكتاب والمحللين الأغبياء الذين يحاولون عبثا قلب الحقائق والتغطية على الجرائم والانتهاكات بحق اليمنيين وممارسة الحرب النفسية والتأثير السلبي في الداخل اليمني طيلة شهور مضت من العدوان دون جدوى .
اليوم وقد دخلت المغامرة السعودية نهايتها لم يتبق لديها الكثير سوى المزيد من سفك الدم اليمني الطاهر ، وعليها ان تعترف بالفشل والعجز والهزيمة ، في المقابل فإن الشعب اليمني المعتدى عليه والمحاصر قد نجح في إدارة المعركة بسياسة الصبر والصمود والنفس الطويل ، محتفظاً بخيارات عديدة لا يمتلك العدوان وحلفاؤه أمامها سوى قبول الذهاب الى جنيف 2 ، وبدون انتظار لما ستسفر عنه معركة تعز التي حشد لها العدو عسكريا واعلاميا بزخم جرى تجربة فشله في مارب .
العدو يحاول الحصول على ورقة توت تخفي عورات إجرامه وفشله الذريع للخروج من المستنقع بأي انتصار سياسي أو إعلامي زائف، لكنه لن يحصل عليها ولقد جنت على نفسها مملكة داعش.