المـــرأة .. قو◌ِøة ناعمـة لثـورة سلميـة!


محمد السيد –

«عزيزة تعز» أول شهيدة تسقط في ساحة الحرية

زرعـن ربيع الثورة ولـم يقـطفـن «الثمـرة» بعــد!

نصفها الآخر وقوتها الناعمة» المرأة» التي خلطت جميع الأوراق وأربكت السياسيين قبل العسكر. فقد شكل حضورها القوي في الساحات وميادين الحرية رقماٍ مهماٍ لا يجرؤ أحد على طمسه أو تجاوزه. حيث تعد مشاركة النساء في ثورة فبراير 2011م – محجبات و»كاشفات» شابات مسنات – واحدة من أهم السمات البارزة والملهمة للثورة الشبابية. لقد تحدت المرأة بمشاركتها في الثورة القوالب النمطية المتحيزة التي لطالما ظلت حبيستها داخل المجتمع.

تحل اليوم الذكرى الثانية للثورة الشبابية السلمية ثورة لايذكر الحديث عنها إلا ويذكر معها
لقد شاركت المرأة اليمنية في الإعداد والتجهيز للثورة فقدمت الكثير من التضحيات لم تتأثر بدعوات التخلف والظلام التي تتعامل معها ككائن ناقص فناضلت وتحدت المستحيل وفازت بجائزة نوبل للسلام بتوقيع توكل كرمان .
وفي الأيام الأولى للثورة التي انطلقت في النصف الأول من فبراير 2011م تقدمت الصفوف وأثبتت حضورا لافتا أدهش العالم طبيبة ومهندسة ومعلمة وربة بيت, مؤكدة أنها تتساوى مع الرجل في الواجبات قبل الحقوق وأنها شريكة في بناء بلدها وإحداث التغيير المطلوب.
وأثناء نضالها الثوري تعرضت لضروب من القمع والتعريض بالأخلاق وتشويه السمعة كوسيلة يائسة للحد من مشاركتها في فعاليات الثورة السلمية لكن كل ذلك لم يستطع أن يمنعها من المساهمة في صْنع» المعجزة» وتحقيق الحلم. فكانت»عزيزة عبده عثمان غالب» أول شهيدة تسقط في الثورة السلمية بساحة الحرية بتعزبتاريخ 16/10/2011م تلتها تفاحة ثم ياسمين والقائمة تطول.

المرأة والدور الثوري
لعبت المرأة اليمنية أدواراٍ نضالية عبر محطات الثورة المختلفة فكانت في معظم الحالات أم وأخت الشهيد وزوجته وفي حالات ومواقع أخرى كانت هي الشهيدة ذاتها. وفي محطة أخرى كانت الطبيبة والمسعفة التي تْضمد الجرحى وتوقف نزيف الدم. فكانت أول خيمة نسائية خلف منصة التغيير لتتكاثر عدد الخيام الطبية حتى تراوح عددها مابين 9-12 خيمة فيما بلغ عدد المتطوعات من الطبيبات 32 متطوعة و58 مسعفة ونحو 9 ممرضات و10 صيدلانيات و10 مخبريات . كما تحدت الموت فاعتصمت بالساحات وتقدمت المسيرات وصنعت الطعام وعالجت الجرحى وكانت بالإضافة إلى ذلك قبساٍ يْنير درب الحقيقة ويكشف دعوات الظلام التي هدفت إلى النيل منها. فلم تبخل بنفسها وبزوجها وبأولادها.

دور تنويري حقوقي
ولم يتوقف دور المرأة عند ذلك فقط بل كان للمرأة دوراٍ توعوياٍ وتنويرياٍ كما كان لها دور حقوقي في الدفاع عن الحقوق والحريات وتوثيق الجرائم والانتهاكات التي تْرتكب هنا أو هناك والعمل على كشفها أول بأول. وهنا تؤكد الحقوقية أحلام عبد الله على أن توثيق الانتهاكات بحق الثوار والثائرات وكشف جميع الممارسات غير القانونية بحق المعتصمين ساهم بشكل كبير في كشف الجرائم التي تْرتكب بحق الشباب أمام المنظمات الحقوقية الدولية والعربية.
لقد اقتضت الضرورة أن تتولى المرأة حماية منافذ الساحات المخصصة للنساء من أي اعتداء أو أي مخطط يهدف للإضرار بهذه الساحات. وهو ما أستدعى تشكيل لجنة نسائية متخصصة بالأمن من المتطوعات برهنت الأيام على مدى القدرة الفائقة والحس الثوري والوطني التي استطاعت المرأة أن تجسده أثناء تأدية مهمتها حيث أفشلت الكثير من المخططات التي كانت تستهدف النيل من الثائرات في هذه الساحات.

شهيدات وثائرات
يْجمع الكثيرون على أن المرأة خرجت إلى الساحات بروح ثورية عالية رغم الأخطار المحدقة بها فكانت وقود الثورة وشعلتها. دفعت فاتورة مؤلمة من حياتها وأسرتها ثمناٍ للحرية والطوق للتغيير. فلم تسلم من الضرب والاعتداء والاختطاف فتم ترويعهن واستهدافهن بالرصاص والغاز المسيل للدموع فسقطت الشهيدات والجريحات وفقدن الأب والأخ والابن والزوج. شهر فبراير كما تقول لنا الشابة خوله عبد الله شرف هو شهر الوفاء للشهيدات شهر نتذكر فيه (عزيزة وتفاحة وياسمين وغيرهن) من مناضلات الثورة السلمية.

ثورة فبراير والوجه المشرق للمرأة!
. تشير الكثير من الناشطات بأن المرأة اليمنية هدفت إلى إسقاط النظام بكل مكوناته على أمل إقامة دولة مدنية تضمن الحريات والمواطنة المتساوية. فلا تندهش إذا ما سمعت إحدى المعتصمات تؤكد لك بأن النساء نجحن من خلال الثورة السلمية في كشفت الوجه الجميل للمرأة وتغيير الصورة النمطية التي رْسمت لها منذ عقود فرفضت القهر والاستبداد وتطلعت للحرية والحياة الكريمة. فعلى مدى أيام الثورة عاشت نساء اليمن في ساحات الحرية والتغيير أياماٍ مليئة بالخوف والدموع لا صوت فيها يعلو على « أصوات الرصاص» لكنها في مقابل ذلك كانت أيضاٍ أيام للعزة والكرامة والحرية. وعن ذلك تقول أم احمد» لقد كانت أول خيمة نسائية تم نصبها أمام بوابة جامعة صنعاء حينها كان الخوف يكاد يقتلنا من شيئين إثنين الأول العادات الاجتماعية. والسبب الثاني التهديد المستمر الذي كنا نتعرض له بصفة يومية. لكن هذا الخوف اختفى وتلاشى بعد جمعة الكرامة حيث أمتد الفعل الثوري وزحف الناس رجالاٍ ونساءٍ على الساحات).
وعلى الرغم من الأدوار النضالية الكبيرة التي لعبتها المرأة اليمنية في ثورة فبراير حيث زرعت ربيع هذه الثورة إلا أنها لا تزال تنتظر قطف ثمار هذه الثورة التي نتمنى أن لاتنتظرها طويلاٍ .
فقد حذرت منظمة اوكسفام الإنسانية البريطانية من تردي وضع النساء في اليمن مقارنة بفترة ما قبل انطلاق الحركة الاحتجاجية وذلك في ظل تفاقم الأزمة الإنسانية. وفي تقريرها الأخير تحت عنوان «ما زلنا ننتظر التغيير» أشارت المنظمة إلى أن أربع نساء من أصل خمس في اليمن يقلن أن ظروف حياتهن ساءت خلال الأشهر الـ12 الماضية. حيث استند التقرير إلى نقاشات أجرتها مجموعات عمل في مختلف إنحاء البلاد.
وقال التقرير «فيما يسير الانتقال نحو الديمقراطية قدما تتراجع آمال النساء بحياة أفضل» مشيرا إلى أن «تفاقم الأزمة الإنسانية والنزاع يحدان من دور المرأة في رسم مستقبل اليمن».
وأضافت المنظمة في تقريرها أن «الأزمة الإنسانية تزيد من سوء وضع النساء عبر مفاقمة مشكلة انعدام المساواة المتجذرة بين الجنسين».

قد يعجبك ايضا