
توفيق الشنواح –
أجيء ملهوفا◌ٍ ¡ فاقدا الإحساس بروح انتمائي الذي فقدته ذات عهد◌ُ يرفع الظالم ويسلب المظلوم ما تبقى فيه من ود◌ُ لهذا التراب ¡ وأدلف لساحة التغيير بعاصمة بلدنا الحبيب فإذا بالصبابة تبعث من جديد فنتقيأ صديد ذكريات الوطن المنهوك ¡ والإرادة الخائرة ¡ والإنعتاق المستحيل ..
حفظنا في المدارس بعض أبيات◌ُ من النصوص الوطنية ¡ ورددنا نشيدنا الوطن ولكن بلا ملامح ¡ بلا نكهة ¡ بلا حافز◌ُ من روح انتماء حقيقية ¡ غير أن للنشيد الوطني في ساحة التغيير حكاية وجدانية بكت من لوعته الخواطر المكسورة التي حرمت من لذøة الإنتماء دهرا من الأزمان .. كنا نردøد ¡ بوهج◌ُ حماسي ¡ في مشهد◌ُ ملحمي ¡ نشيد الوطن وكأننا لم نعرفه إلا حينها في ساحات التغيير وميادين الحرية الخالدة ..
هذا شاب◌َ من البيضاء يضع يده على قلبه الشغوف بحب بلده يردد نشيد بلده الحبيبة التي وجدها أخيرا..
وهذا فتى◌ٍ من شبوة تدمع عينه وهو يرى جموع الوطن من ريفها والحضر تتوالى تترى على ساحة التغيير محملة بالخيام والمواشي ومؤن الغذاء ومن كل شيء .. عدى السلاح !!
وشاب◌َ آخر من تعز ¡ ثوري في سماتهö ¡ شجي◌َ في أحاديثه ¡ عنيد◌َ في موقفه ¡ يردøد من على منصة الساحة : حيا بهم حيا بهم ..
ليتيح المجال لشاب ثائر من عدن الحبيبة ألهب حماسة الثوار بشعارنا الخالد : بالروح بالدم ¡ نفديك يا يمن .!!
شباب مأرب هم الآخرين يتوافدون أرتالا على الساحة¡ سألناهم: نراكم لا تتمنطقون البنادق كعادتكم التي ارتسمت في الوعي الجمعي ¿
سئمناها نريد دولة◌ٍ مدنية◌ٍ .. تبسط هيبتها وتنصف أبنائها وتعدل بينهم ¡ هكذا ردø أحد شبانهم الثائرين سلميا ..
ونفس المشهد مع شباب الجوف وبقية المحافظات البعيدة منها والقريبة ..
القرى الكئيبة تنتفض على واقعها البائس وتحضر لتقول كلمتها ¡ وترفع الضيم الذي مس كرامة كل فرد◌ُ منها ..
وفي الصبح تأتي كسرة الخبز لنقسمها على الجميع ¡ فكانت أحلى ما طعمناه ..
الجميع يريد دولة◌ٍ مدنية تسودها العدالة ¡
لم يأتوا للبحث عن منصب في الدولة المرتقبة ¡ ولم يسلموا صدورهم النحيلة لرصاصات الموت ليظلوا في نفس المربع.. لم يأتمروا بأمر نافذ◌ُ ولا بتوجيه قائد¡ الجميع هنا على قلب رجل◌ُ واحد : ثابت أنا في موقفي .. ثابت وعزمي من حديد .. حتى أحقق ما أريد .. أهداف الثورة السلمية .. أهداف الدولة المدنية ..
يحل العصر الثائر.. ينسج خيوط الشفق الآيل للغرق في كومة من الذهب ¡ تتوجه المسيرات ¡ تيمم وجهها شطر الشعب الذي آثر البقاء في البيوت ¡ تحفزه للحاق بركب ثورة التغيير السلمية ¡ تؤكد على دوره الريادي في صناعة مستقبله المنشود ¡ وحلمه الذي آن له أن يتحقøق .. يلتحق البقية بالركب ¡ كان البعض يحتاج للتحفيز فقط ¡ وفي أحد الممرøات يفاجأ الشباب الأحرار الأقحاح برصاصات القتلة المأجورين تنهمر على الرؤوس الشمøاء ¡ والهامات الحرøة وتحصد الأرواح الطهورة وذنبهم الوحيد الذي دفعوا حياتهم ثمنا له أنهم حلموا بوطن◌ُ يتسع لهم بدلا عن ذلك الوطن الذي ينهش أبناءه كما تنهش أنثى الوحش صغارها ..
نشيع جموع شهداءنا ¡ والعزيمة عالية ¡ لم تخنع أو تخضع ¡ لنجد في الغد مشروع شهيد آخر يتسابق مع رفاقه على ناصية المسيرات في مشاهد خالدة لن ننصفها مهما وصفنا .. الجرحى تضمد جراحهم الغائرة في المستشفى الميداني ¡ ليشاركوا في المسيرات السلمية في اليوم التالي متحاملين على وجعهم الناكي..!
ما هذه العظمة يا ثورة◌ٍ أعادت الاعتبار لكرامة الإنسان اليمني ¿!!
ما هذا الفداء والإباء يا شباب ثورتنا السلمية ¿!!
من علمكم كل هذا العناد في وطن خائر مطواع للظلم والاضطهاد¿!
حتما سيجني الوطن ثمار ما زرعتموه يا شهداء العزøة والكرامة والشموخ .. ويا أنبل شبيبة عرفتهم بلدي..
سينصاع الواقع لمشروعكم المدني الذي تعهد شباب الثورة وحرøاسها الأوفياء أن لن يحيدوا عنه ..
و تحية لأجمل وأنبل ثورة عرفها تأريخنا المعاصر ..
Tawfiq428@gmail.com