
عبدالناصر الهلالي –
في البدء كانت الكلمة وفي البدء كانت الثورة .. الثورة على ما يناقض حياة الناس الكريمة¡ وما يناقض الحرية في التعبير¡ وحق الاختيار في من يريده الناس بتسيير أمور حياتهم.
في (2) من فبراير 2011م كانت البداية للبحث عن الكلمة والكرامة وحرية القول والفعل .. كانت البداية من جامعة صنعاء .. لم ينتظر طلبة الجامعة كثيرا◌ٍ .. لم ينتظروا حتى انتصار الثورة المصرية .. مظاهرات يومية داخل أسوار الجامعة .. تقابل بالعنف والمنع من الخروج من البوابات الرئيسية .. عشرات الطلبة .. أصروا على التظاهر اليومي .. ليس هناك أي قوة تمنعهم من ممارسة حقهم في التظاهر السلمي .. تعرضوا للضرب هذا صحيح .. لكنهم استمروا في التظاهر في الحين الذي كان الرئيس السابق يسيطر كليا◌ٍ على ميدان التحرير¡ ونصب الخيام فيه .. كان الهدف من ذلك واضحا◌ٍ .. خيمة بخيمة .. إذا ما تم الاعتصام .. ورغم نصب الخيام بالتحرير إلا أن النظام السابق لم يكتفö بترك المتظاهرين يختارون المكان الذي يريدونه للاعتصام .. محاولات عديدة تارة بالعنف¡ وتارة بالتضييق¡ داخل أسوار الجامعة لمنع اعتصام المطالبين بإسقاط النظام.
لم تدم المظاهرات طويلا◌ٍ داخل أسوار الجامعة .. أخيرا◌ٍ خرجت المظاهرات إلى شارع الدائري .. محاولات مرة أخرى من قبل الجهات الأمنية¡ ومسلحون بزي مدني لمنع المتظاهرين من الخروج عن الدائرة تلك .. المتظاهرون يجتازون الدائرة .. يخرجون إلى الستين .. يتعرضون لأسوأ أنواع العنف .. مواجهة للمتظاهرين السلميين بالذخيرة الحية هذه المرة من قبل المسلحين المدنيين .. مراسل الـ (BBC) عبدالله غراب يتعرض للضرب¡ أول صحفي يصاب بجروح في وجهه.
بدأت حركة العنف في مواجهة المتظاهرين .. ونسج الإشاعات¡ وبثها في وسائل الإعلام الرسمية .. التي تتحدث اليوم عن ثورة (11) فبراير .. (المتظاهرون مسلحون .. يتعاطون المنشطات) وإشاعات لا حصر لها أطلقت ضد المتظاهرين العزل.
أخيرا◌ٍ خرج (عمر سليمان) يعلن تنحي حسني مبارك عن السلطة .. للتو خرجت المظاهرات في تعز وصنعاء .. تمكن المتظاهرون في مدينة تعز من ليلتهم بنصب الخيام في ساحة الحرية¡ وصلوا أول جمعة في الساحة (جمعة البداية) لم يستطع أحد منعهم .. إلا من سيارة مرت وألقت قنبلة على المصلين سقط على إثرها جرحى .. صنعاء لازالت تغلي .. المتظاهرون يبحثون عن مكان لنصب أول خيمة .. إرهاصات في طريقهم..
عدن هي الأخرى تخرج في مظاهرات متكررة .. في (16) من فبراير سقط أول شهيد في الثورة الشبابية الشعبية السلمية عندما خرج المئات من الشبان في مظاهرة سلمية في ساحة الشهداء التي كانت تعرف بساحة الرويشان .. انطلق المتظاهرون باتجاه فرزة الهاشمي يهتفون (لا حزبية ولا أحزاب¡ ثورتنا ثورة شباب)¡ وفي وقت الغداء داهمت قوات الأمن المكان¡ وسقط في المكان ذاته أول شهيد (محمد علي شاعن العلوني)¡ وجرح عشرة آخرون .. في المساء من اليوم ذاته خرج الكثير من الشبان الغاضبين باتجاه قسم شرطة المنصورة¡ وحاصروه¡ وفي اليوم الثاني تكرر الأمر عينه.
المظاهرات لم تهدأ في عدن¡ صنعاء¡ تعز .. المدن تغلي بعنفوان البداية .. الإصرار على تغيير وجه الحياة في اليمن الخارجون إلى الشوارع¡ يقسمون بألا يعودون إلا بعد إسقاط النظام .. المتظاهرون قرروا ذلك والنظام يطلق المبادرات العبثية دون أي تطبيق¡ مبادرة واحدة سواء تغيير ثلاثة من مدراء أمن في ثلاث محافظات .. الهدف واضح ولا تراجع عنه¡ هكذا كان يتحدث الثوار في الشوارع التي يتظاهرون فيها.
في الـ(18) من فبراير نصبت أول خيمة في ساحة التغيير (16) يوما◌ٍ خروج يومي في مظاهرات إلى الشوارع توجت بنصب أول خيمة في الساحة¡ وسميت الجمعة الأولى بالساحة جمعة (الغضب) الساحة كل يوم تزداد زخما◌ٍ¡ وكلما أمعن النظام بالعنف تزايدت الأعداد من المئات¡ إلى الآلاف إلى عشرات الآلاف «في الج◌ْم◌ِع» (مئات الآلاف).
وفي تاريخ (23) فبراير قررت أحزاب اللقاء المشترك اللحاق بالثورة .. عندما أعلنت في ذلك اليوم رسميا◌ٍ انضمامها للثورة.
في الأثاء (17) محافظة تخرج في تظاهرات عارمة¡ ونصب الخيام في الساحات منادية بإسقاط النظام¡ وتحديد الأهداف التي على الثوار إنجازها في الساحات¡ كل شيء يبدو جيدا◌ٍ إلا العنف الذي ظل متكررا◌ٍ ضد المعتصمين السلميين .. محاولات عديدة لفض الاعتصام في المدن المنتفضة ضد النظام .. كلها كانت تبوؤ بالفشل.