ألا يوقظنا هذان التصريحان الخطيران ؟?؟?
تناقلت وسائل الإعلام العالمية والعربية تصريحات خطيرة أدلى بها برنار باجوليه رئيس المخابرات الفرنسية يوم أمس الأول الثلاثاء في واشنطن خلال مؤتمر حول الاستخبارات، وقال أن “الشرق الأوسط الذي نعرفه انتهى إلى غير رجعة”، مؤكدًا أن دولًا مثل العراق أو سوريا لن تستعيد أبدًا حدودها السابقة وأهم ماركزت عليه الأخبار ما يلي :-
1-الشرق الأوسط الذي نعرفه انتهى، وأشك بأن يعود مجددا.
2- النظام السوري لا يسيطر إلاَّ على جزء صغير من البلد: ثلث البلد الذي تأسس بعد الحرب العالمية الثانية. الشمال يسيطر عليه الأكراد، ولدينا هذه المنطقة في الوسط التي يسيطر عليها داعش،
-الأمر نفسه ينطبق على العراق”،
3- الشرق الأوسط المقبل سيكون حتمًا مختلفًا عن الشرق الأوسط ما بعد الحرب العالمية الثانية
وأنظروا ما قاله في نفس المؤتمر المخصص لاستنتاجات الإستخبارات ، مدير السي آي ايه برينان:
1- عندما أنظر إلى الدمار في سوريا وليبيا والعراق واليمن يصعب عليّ ان أتخيل وجود حكومة مركزية في هذه الدول قادرة على ممارسة سيطرة أو سلطة على هذه الحدود التي رسمت بعد الحرب العالمية الثانية .
2- الحل العسكري مستحيل في أي من هذه الدول
أدلى المسؤولان الفرنسي والأميركي بهذه التصريحات خلال مؤتمر حول الاستخبارات نظمته جامعة جورج تاون
ليست هذه التصريحات الأولى من نوعها غير أنها هذه المرحلة من جهات رسمية ومساهمة في صنع القرارات في الدول الكبيرة مثل الجمهورية الفرنسية ?
وأيا كانت الأهداف أو الرسائل المطلوب إيصالها أو التمهيد بها لخطوات قادمة تتوجه جلها للعصف بالأوضاع القائمة في الأقطار العربية للأسف الشديد مع التشابك المتناقض ظاهريا بين الدول الكبرى والتي يستحيل عمليا أن تعمل ضد مصالحها المشتركة أو المتفاهم حولها وعلى حساب الدويلات أو الأقطار القائمة فيما يسمى الشرق الأوسط الجديد بعد غطرسة الإعلان عن الشرق الأوسط القديم !!!
وإذا كان المثل يقول ( إذا حلق جارك بليت ) فما الدرس الذي يجب أن نتعلم منه من كل ما يحدث في بعض الأقطار العربية وبخاصة العراق وسوريا
ويدري المتابعون والمتخصصون كيف تطورت الأوضاع والأحوال حتى وصلت إلى المشهد الدرامي والمأساوي الماثل اليوم
وقد تكفي إطلالة تأريخية قصيرة لإستعادة الفهم و للعبرة ولإمتلاك دوافع اليقظة من جديد
لقد كانت الأمة العربية والإسلامية من منتصف القرن الماضي تتأهب وقد عقدت العزم لتحرير فلسطين ورمي الكيان الإسرائيلي في البحر ثم لم تلبث أن زُج بها في الأحلاف وصراع المعسكرين الشرقي والغربي وفي رحى منظمتين عربية وإسلامية وفي عمق المجتمعات أشعلت بذور الإختلاف ووصلت نهايتها في الفتن الطائفية والمذهبية والعديد من الحروب القومية والأهلية والبينية المدمرة وبدايتها في عمق الفتنة المبرمجة الحرب الأهلية اللبنانية وأخطرها الحرب العراقية الإيرانية وصولا لفتنة إحتراب الفوضى الهدامة تحت ما سمي إغراء وإغراقا للأمة العربية بالربيع العربي بعد أن تم تتويج ذلكم المسعى العالمي تحت مظلة حرب النجوم بتمزيق ما كان يسمى الإتحاد السوفيتي و بعد أن أخمدت نار المعسكر الشرقي بإطلاق فكرة الشرق الأوسط الجديد من أجل بقاء إسرائيل وحمايتها وضمان أمنها ذلك بإختصار !!!
وكل ذلك ولم تفهم أمتنا العربية والإسلامية ما هو السبيل لخلاصهابرغم المعنويات العالية التي فجرها إنتصار العبور حتى جاءت ما أسميته بأخطر الحروب المنهكة للأمة العربية ومن ثم الإنزلاق من أكثر من مكان إلى وهدة هذه الفتنة المتفاقمة في عملية تدمير وفتنة شاملة والتي مازالت تصول وتجول على أرضنا الواسعة المترامية ولمزيد من الإضعاف والتمزيق والإرتهان !
و أجدني هنا مضطرا للتذكيربالسؤال الذي تم طرحه في يوميات الأسبوع الماضي :-
أين هي حروب الفتنة التدميرية والصراعات الدموية اليوم على خارطة كوكب الأرض ؟
والإجابة الواضحة والصارخة تقول هي محصورة في الوطن العربي !
السؤال مرة ثانيةً لماذا الوطن العربي بالذات ؟؟ وهل لذلك علاقة بما تم الترويج له لأكثر من ثلاثة عقود ماضية عن المزيد من تقسيم الأقطار العربية وما رافق ذلك من نشر لخرائط جديدة للوطن العربي سبقت ما صار يتوالى من التصريحات المنوه عنها ?
سبقت الإجابة عن ذلك و بين يدينا في تاريخنا خلال الربع الأخير من القرن المنصرم أدلة أليمة واضحة لنزيف الدماء التي خلفته الصراعات الطائفية والمذهبية المريرة بدايةً من الوطن اللبناني ومرورا بالأقطار الأخرى أشدها قسوةً ومرارة في القطر العراقي حتى وصلت إلى البلد الطيب الذي إعتقدنا حصانته بفضل الإيمان والحكمة وتأريخ طويل من الوحدة الوطنية الراسخة والتعايش بين المنتمين إلى المذهبين السائدين فيه (( زيدية وشافعية )) بل وإسماعيلية وأحناف
غير أن ما يحدث اليوم في أكثر من قطر عربي صار أكثر إرعاباً وفتكاً وتدميراً حيث يراد له لا قدر الله القضاء على الإنسان والمجتمع وكل القيم الحضارية والتوحيدية السامية في الأرض العربية وليفرض على أمتنا العربية أخطر أنواع التمزق والتشرذم التي ظلت عنواناً رئيساً في المخططات القديمة والجديدة وبدى أنها صارت تعتمد في ذلك على مفاقمة الفتنة الطائفية والمذهبية وكل النزاعات العرقية وأقربها مثولا الدولة الكردية القادمة ! وتطبيق التصريحات على واقع الخارطة في الوطن العربي وإيران وتركيا وإغلق الأبواب أمام وحدة الأمة العربية لعقود قادمة بعد النيل منها في صميم وجودها و صنع أكثر من نموذج لذلك بداية من لبنان ومروراً بالعراق وسوريا واليمن والخارطة مفتوحة على مصراعيها ليسهل مواصلة ومضاعفة الأنموذج الدموي المتخلف الذي يمكن أن تضرب به الأقطار العربية واحدةً إثر الأخرى لا قدر الله.