لحظة يا زمن …. بين غسق وشفق
ويستعرض الكاتب خيري منصور.. بتركيز وتكثيف لمسببات وأسباب ذلك الحنين إلى مناخات إنسانية في العقد الماضي منها :
الانقلاب العلمي المكثف على الأصعدة الثقافية والاجتماعية ..وما استغرقه التاريخ في تطوره البطيء وأصبح مضاعفاً مئات المرات وكأن الشاعر الألماني “ويلكه لو عاش في أيامنا وهو الذي قال في – زمنه :
إن الناس يموتون قبل أن يتقنوا عادات تعلموها …وأنهم ماضون كالسهام من مهودهم إلى لحودهم “.
ومن ضمن الأسباب .. ما أنتهي إليه هذا الكوكب من أحادية قطبية .. وما تبع ذلك من عولمة تتأسس على التدجين ومحو الفوارق هو سبب هذا الاستنقاع الذي نشكو منه جميعا وبمختلف اللهجات واللغات والحروب الآن نمط إنتاج خصوصاً حروب ما بعد الحداثة التي تصنف بأنها حروب استباقية أو إجهاضية , وشهادات الزور نمط إنتاج آخر ,إذا تذكرنا سلالة من المثقفين الذين وثبوا برشاقة بين عدة إيديولوجيات وأحزاب لإعلان التوبة وتقديم طلبات انتساب إلى الأندية الجديدة .
وتلك “التوتا ليتارية” الشمولية .. التي أفرغت المصطلحات من معانيها وخلطت حابل الحرية بنابل الاحتلال هي الرأسمالية في أقصى درجات توحشها , وكما تتجسد الآن في المارد الفولاذي الأعمى الولايات المتحدة .
مما يجزم بأن كلمة “الآن “هي فرضية تدحضها فيزياء الزمان لأننا ما أن نتفوه بها حتى تكون قد مضت وتسربت تماما كماء النهر الذي لا يقطع مرتين والحنين إلى الماضي إذن هو بمعنى , حنين إلى حياة عيشت بالفعل وليس بالإمكان أو القوة فقط ,لكن ما يجعل الماضي جاذبا للحنين هو صفاؤه , لأنه مقطر في خلاصات لا يعكرها الراهن الذي نتعامل معه يوميا وبحواسنا كلها .
ويخلص كاتبنا :”قد تكون رداءة الحاضر إذا فاضت عن كل الحدود سبباً آخر يضاف إلى منظومة الأسباب الموضوعية لشحذ الحنين وإمداده بخيال لا حدود له باتجاه الماضي الذي لم يمض والذي يأتي أحياناً متنكراً من الجهة الأخرى إنها لحظة إشتباك بين غسق وشفق ولأن كل ذهاب الآن مهدد بأن يكون إياباً ونحن لا نعلم !!!.