لحظة يا زمن…الشمس .. غروب وشروق
لم يمنع أحد الطفل الصغير من رؤية القرص الأرجوان للشمس وهي تنسكب وراء الجبال عند الغروب شعلة مدورة بالألوان التي تبهج القلب بالأحمر الأرجواني خليط بالأصفر البرتقالي الغسقي العقيقي الشفاف .
ودعتها عينا الصغير بمحبة وبود عميق يتقنها الأطفال بعفوية تلقائية وطبيعية .
حتى الصغير نفسه , بعد أن شبع من تأملها العميق وهي تختفي تدريجيا في الأفق الغربي للجدار السماوي وانعكست على وجهه أشعتها الأرجوانية الحنونة , كان التعبير في الوجه يعكس كامل الامتنان .
لم يحاول أن يستفسر الكبار حينها .. هل أشعتها البنفسجية تؤثر على الشبكية في العين ؟
كان يعرف في أعماقه وهي في المستوى الأفقي .. أمام عينيه كائن جميل يودعها عند الغسق ,وسينتظرها في الصباح المبكر وها في الشفق , سيترافقان معا ليوم جديد وسيوطد صحبته الودية معها .
لن تكون أبدا في نظره مصدراً للضرر والأذى وعندما تتوق نفسه إليها حتى وهي في كبد السماء بأشعتها التي تجهر العين سيختلس إلى وجهها نظرة سريعة
خطفة لن يلاحظها الكبار ولا رفاقه في اللعب من يومها تأسست علاقة حميمة بينه وبينها وسينطبع في ذهنه بهاء ضوئها الجميل والذي يغمر الأشياء من حوله ويحتويها ويكشف له جوانبها وخطاياها .
ستكون دليله الطيب والحنون .
ولن ينفك أبدا ودائماً من التأمل العميق لقرصها الأرجواني عند الغروب .. أو هي ترافقه عند الشروق تضوي له الطريق وتتعرى أمامه الكائنات وتتبدى أمام نظره بلا غموض سيدرك بحدسه الطفولي كم هي رقيقة وهي تتبدى له خلف الغيوم قرصاً أبيض بلون الحليب .. وسيراها تعبر مسرعة في جريانها وكأنها ستذهب في أمر تقضية وتعود .
سيستغرب احتجابها وراء الغيوم والسماء تمطر وسيفرح بظهورها وهي تطارد بقايا سحابة هنا أو هناك في جدار السماء .
سينعشه الصحو الجميل بعد المطر حين تعود صاحبته شعلة تتوهج بالضوء الساطع وسيعرف ان كانت أشعتها لامعة وحارة سيدخل في الظلام ويتأملها باهتمام عند الغسق والشفق.