الحوار برؤية المستعمر ..!

 

سبق وان جربت اليمن الحوار عقب الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت مطلع شهر فبراير 2011م والآن يتم طرح حوار من جديد في إطار ما يتعرض له الوطن من عدوان سعودي سافر منذ ما يقارب ثمانية أشهر أظهرت حقيقة مفادها بأن هناك حوارا ما هو وما هي أسسه وما شروطه ليس إلا تعبيراً عن عبثية تستوطن الوعي الزائف لأن ما جرى تسميته بمؤتمر الحوار الوطني هو نتيجة ترتبت على قوى التدخل الخارجي وأداة سياسية أوجدتها قوى الهيمنة ويتم الآن تضليل وخداع الشعب بكلمات فارغة وعبارات مزيفة عن حوار في جنيف وحوار آخر في مسقط .
فهذه المسميات ليست إلا اكليشات شكلية يتم من خلالها تزييف الوعي الجمعي للمواطنين وإغفال حقيقة العدوان السعودي وما يتعرض له الوطن من تدمير وقتل آلاف الأبرياء فالحوار في ظل العدوان ليس إلا عملية عبثية الهدف منها تضليل الشعب والرأي العام المحلي والعالمي .
وقد أثبتت الوقائع والأدلة ليس عبر تأريخ اليمن فحسب ولكن عبر مراحل تطور الفكر السياسي على مستوى الإنسانية كلها بأن العامل الخارجي مهما كان نوعه أو شكله عسكرياً استعمارياً أو دبلوماسياً ناعماً دائماً ما كان ذلك العامل الخارجي لا يساعد الشعوب اطلاقاً وإنما يقطع طريق التطور الطبيعي لتلك الشعوب ويكرس الهيمنة ويعمق المشكلات ويباعد بينها و بين الحلول والمعالجات .
وما يؤكد حقيقة ذلك عشرات بل مئات الأدلة لدول مختلفة راهنت على العامل الخارجي ولم تجن إلا مزيداً من الصراعات وكثيراً من الضعف والحروب والتفكيك.
ولم تكن اليمن استثناء وإنما عرف بعض أبنائها المراهنة على العامل الخارجي وكانت النتيجة أوهاما وسرابا ، فعندما طرحت بريطانيا مشروعاً استعمارياً للمحافظات الجنوبية بعد عقود من الاحتلال دعت لحوار وطني شامل واستجاب لها البعض من اليمنيين من مشائخ واعيان وامراء وسلاطين حضروا ذلك المؤتمر الذي دعت إلية عاصمة وعد بلفور لندن مطلع القرن التاسع عشر وأنشأت لهم أدبيات سياسية ووثائق فكرية وأنظمة ولوائح وقالت لهم تحاوروا في ما بينكم إن مهمة بريطانيا داعم أساسي لحواركم وخلت تلك الوثائق السياسية والأدبية من أي ذكر أو إشارة للاحتلال الانجليزي وما تقوم به بريطانيا من أعمال تتنافئ مع كل التشريعات والقوانين كما يفعل العدوان السعودي في الظرف الراهن .
وخرج حينذاك الحوار بقرارات وتوصيات تم تنفيذها برعاية وإشراف بريطانيا وأنشأت السلطنات والمحميات وصدّق القائمون على المحميات والسلطنات من بعض اليمنيين الذين نصبتهم بريطانيا أدوات لها لإضعاف المقاومة الوطنية وصرف أنظارها عن احتلالها لليمن .
صدّق أولئك العملاء للانجليز بأن العامل الخارجي نهاية التاريخ وأنه طريق الخلاص لبناء الوطن وسرعان ما انقلب السحر على الساحر وسقطت المحميات والسلطنات بسقوط الحاضنة لتلك المحميات وذهب حوارها أدراج الرياح على إثر انتصار ثورة 14 أكتوبر 63م وليس ذلك إلا دليلاً بسبطاً من مئات الوقائع والأدلة التي تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك بأن العامل الخارجي في اليمن وإن امتلك طائرات بدون طيار فإنه كان وما زال وسيظل مثل طائر يرتفع ثم تهوي به الريح في مكان سحيق ، صحيح أن العامل الخارجي عبر تأريخ اليمن كان يتماهى تارة لكنه سرعان ما يفشل ويغرق في رمال متحركة جرى ذلك مع العثمانيين وحملاتهم المختلفة وقبل ذلك مع البرتغاليين والأحباش .
لذلك على الواهمين وراء سراب الحل الخارجي ألاّ يوهموا أنفسهم ويرقصوا مع العامل الخارجي على اليمن لأنها ليست أولئك الأسماء المشار أليها استثماراً خاطئاً لأزمتها الراهنة وما محادثات جنيف المزمعة إلا محاولة يائسة من قبل السياسة الدولية لإعادة اكتشاف اليمن لأنها ليست فريق الكشافة لتلك المحادثات .

قد يعجبك ايضا