تلف المعروضات التراثية في المتحف والاستعداد لجلب أخرى من المتحف الوطني
تحقيق وتصوير/ عبدالباسط النوعة –
بعد عشر سنوات عاشها امتحف الموروث الشعبي بصنعاء موصد الأبواب ومغلقاٍ أمام زائريه بحجة الترميم الذي ربما يعتبر أطول ترميم لمتحف ربما على مستوى العالم تم افتتاح هذا المتحف في مايو من العام المنصرم ولكنها عودة غير محمودة بالمرة فما هي إلا أشهر ثلاثة ما لبث بعدها أن أوصدت أبواب هذا المتحف مرة أخرى ولا زالت إلى اللحظة مغلقة فما هي الأسباب التي أدت إلى إغلاقه مرة أخرى ولماذا افتتح أصلاٍ ما دام لم تتوفر له عوامل الاستمرارية هل كان افتتاحه لحاجة في نفس يعقوب قضاها أم مجرد حالة تفاعلية سرعان ما تبخرت لدى المسئولين في هيئة الآثار ووزارة الثقافة أسئلة كثيرة تبحث عن تساؤلات سنحاول استيضاحها من خلال لقائنا بعدد من المختصين.
هذا المتحف عانى الكثير منذ مطلع الألفية الثالثة وحتى الآن وقلنا عند إعادة افتتاحه بعد الترميم الطويل أن الأمل قد عاد لإحياء هذا المتحف الذي مات طويلاٍ فقد تحدثنا كثيراٍ عبر ملحق الثورة السياحي خلال السنوات الماضية عن هذا المتحف وخاطبنا الجهات المعنية وتحديداٍ هيئة الآثار ورئيسها آنذاك بالالتفات إلى هذا المتحف الذي يقبع تحت مشروع ياليته لم يكن فقد ترتب عيه الكثير من العبث بل والخراب الذي كان الترميم سبباٍ رئيساٍ فيها فهل يعقل أن تقوم هيئة الآثار بمشروع للترميم وإعادة البناء والحفاظ على نمط العمارة من ذلك المتحف والتي تحوي أصلاٍ قطعاٍ تراثية ربما لا تقل أهمية أو قيمة من المبنى إن لم تكن أكبر على اعتبار أن المبنى قديم ولكن ما حصل يدعو للمرارة والأسى وينبغي أن لا يمر هكذا دون معرفة الأسباب إذا كان المسئولون في هذه الدولة يفقهون شيئاٍ أو لديهم أفئدة تستشعر المسئولية تجاه ماضي وحاضر هذه الأمة فقد كان هذا الترميم على حساب القطع التراثية التي كانت معروضة في هذا المتحف العريق حيث تلفت هذه القطع وتآكلت في المخازن التي لم تتوفر لها أدنى متطلبات الحماية لهذه القطع الحساسة من التراث.
وتقول الأخت جميلة الديلمي مدير متحف الموروث الشعبي أن طريقة التخزين العشوائية كانت سبباٍ في تلف القطع التراثية التي كانت معروضة في المتحف قبل الترميم..
تخزين عشوائي
وفي ردها على سؤال حول مسئوليتها مما حدث للقطع كونها تعمل كمديرة للمتحف منذ ما قبل مشروع الترميم بسنوات ولا زالت حتى الآن فلماذا لم تقم بدورها في الحفاظ على هذه القطع أجابت جميلة الديلمي أنها رفعت مراراٍ وتخاطبت مع رئيس الهيئة السابق ووضحت له مخاطر التخزين العشوائي ولديها من المذكرات ما يثبت كلامها إلا أنها لم يلتفت إلى تحذيراتها ونداءاتها ولم يعر الموضوع أي اهتمام.
وبدورنا لا نعلم هل ينفي كلامها هذا المسئولية عليها أم أنها كان بوسعها عمل ما هو أكثر من ذلك للحفاظ على تلك القطع¿¿!
وأوضحت جميلة أن معظم القطع التراثية التي كانت محزنة عبارة عن نسيج وجلديات وهذه المواد عرضة للتآكل وبشكل كبير من قبل الحشرات التي كانت منتشرة في المكان الذي خزنت فيه هذه القطع..
قطع مؤجرة لافتتاح المتحف
وعن افتتاح وإغلاق المتحف مؤخراٍ قالت: كان الافتتاح بصورة مؤقتة نظراٍ لعدم توفر العوامل التي تجعل من الافتتاح دائماٍ وذلك لأن بلادنا كانت تحتفل باليوم العالمي للمتاحف الأمر الذي حتم علينا استعارة بعض القطع التراثية من الناس ليتم العرض بها بعد تلف قطع المتحف ولكن بعد مرور ثلاثة أشهر طلب الناس أشياءهم فأرجعناها إليهم والآن نبحث عن مواد وقطع أخرى من الموروث الشعبي اليمني نزود بها المتحف لكي تعرض وكان الحل لدى قيادة الهيئة العامة للآثار والمتاحف ممثلة بالأخ مهند السياني بأن يتم توفير تلك المواد والقطع من المتحف الوطني بعد أن تنتهي اللجنة المكلفة بجرد القطع الأثرية في المتحف الوطني ونحن ننتظر للآن وقالت: نحن ننتظر أن تنتهي تلك اللجنة من عملها لتعرف ماهية القطع التي تدخل تحت إطار الموروث الشعبي وبالتالي تكون ملكاٍ للمتحف..
عندما تم افتتاح المتحف تقريباٍ في شهر مايو حضرنا كما حضرت الكثير من وسائل الإعلام وتطرقت الكثير من القنوات والصحف المحلية لهذا الحث نظراٍ لأهميته ولم نكن ندرك أن القطع التي عرضت آنذاك لم تكن سوى قطع مؤجرة لفترة وجيزة تم تجميعها من الناس!!
معوقات أخرى يواجهها المتحف
وأضافت مديرة متحف الموروث الشعبي أن المتحف يعاني معوقات أخرى تتمثل بتوفير الإمكانيات المادية اللازمة لمواجهة احتياجات المتحف من الفترينات والماكينات وإضاءة التي انتهت أيضاٍ أثناء الترميم كذلك موازنة تشغيلية مناسبة إلا أن وزارة المالية تجاهلت مطالبنا التي رفعت بها هيئة الآثار كذلك يفتقر المتحف إلى الكوادر حيث يمتلك المتحف (3) فقط من العاملين هؤلاء لا يكفون للقيام بمتطلبات العمل في المتحف.
الحشرات لا زالت تملأ المتحف
ونفت أن يكون هناك إطار زمني يمكن من خلاله تحديد موعد افتتاح المتحف.
إلا أن القائم بأعمال رئيس الهيئة العامة للآثار والمتاحف الأخ مهند السياني يخالف مديرة المتحف في هذا الجانب ويؤكد أن المتحف ربما يفتتح الأسبوع القادم وأضاف قائلاٍ: لا زالت المشكلة التي أودت بالقطع التراثية من متحف الموروث الشعبي قائمة فالحشرات لا زالت موجودة وهذا يجعلنا نتردد كثيراٍ قبل أن نقدم على إحضار قطع تراثية من المتحف الوطني حتى لا تلقى نفس مصير القطع التي تعرضت للتآكل ولهذا عملنا على التواصل مع مكتب الزراعة بأمانة العاصمة للتعاون معنا وإمدادنا بالمواد الكيماوية التي تكافح هذا النوع من الحشرات ولهذا نحرص كثيراٍ على توفير المناخ الملائم للعرض واستمرار افتتاح المتحف خاصة بعد أن كلفنا لجنة باختيار القطع التراثية المناسبة من المتحف الوطني وقد يتأخر الافتتاح شهراٍ أو شهراٍ ونصف الشهر كي يظهر المتحف بصورة مشرفة تليق بالمتحف.. وأشار إلى أن القطع المستعارة التي فتح بها المتحف تم إعادتها لأصحابها..
وأكد (السياني) أن المعوقات كثيرة لاسيما ما يتعلق منها بالإمكانات المادية إلا أن هذه المعوقات لن تكون عائقاٍ أمام إعادة فتح المتحف ولهذا سيتم الافتتاح بموجب ما هو متوفر لدى الهيئة وأضاف: للأسف الشديد.
لم يدرج للهيئة في موازنتها للعام الحالي والعام الذي يليه أي مبالغ لإقامة مشاريع جديدة باستثناء مبالغ زهيدة لمشاريع قائمة واستغل هذه المناسبة وهذا الحوار لتوجيه رسالة عبركم أو مناشدة إذا صح التعبير إلى دولة رئيس الوزراء الأخ محمد سالم باسندوة وكافة أعضاء حكومته أن ينظروا إلى التراث بشكل عام والآثار على وجه الخصوص بنظرة الرحمة والشفقة ويخصصوا ميزانية على الأقل تفي بالمتطلبات الأساسية والتي تأتي في مقدمتها عملية الحفاظ على هذا الموروث كونه يمثل الاستثمار الحقيقي للبلد في حالة الاستقرار وهو مورد لا ينضب ويقدم اليمن الحضاري والأصيل الذي يمتلك تاريخاٍ عريقاٍ للعالم أجمع فقد كانت التوقعات ومنذ سنوات ماضية أن ترتفع الموازنة للهيئة ولكن للأسف الشديد منذ العام 2009م تحديداٍ بدأ التخفيض بالميزانية لتصل في العام الجاري إلى 72 مليون ريال بعد أن كانت في العام 2008م 465 مليون ريال ونخشى في ظل هذا الإهمال وعدم الاهتمام بالتراث الإنساني في اليمن أن تستمر هذه التخفيضات والتي يترتب عليها دماراٍ وخراباٍ كبيراٍ لهذا التراث.
وعود بتوفير بعض المتطلبات
لافتاٍ إلى أن وزارة التخطيط وعدت بمناقشة قضايا الآثار والمتاحف مع المانحين للعمل على توفير بعض المتطلبات الملحة وكذا وعود أخرى من الصندوق الاجتماعي للتنمية للتعاون في تجهيز وتوفير بعض فتيرينات العرض للمتحف.
ويظل التساؤل قائماٍ من المسئول عن تلف كل تلك القطع تصوروا محتويات متحف بشكل كامل تتعرض للتلف نتيجة للإهمال وهل سيتم فتح تحقيق.
بهذه الحادثة أم أنها كسابقاتها من حوادث الاعتداء على المتاحف سواءٍ في عدن أو في إب وغيرها من المحافظات سوف تمضي دون حساب وفي حالة متحف الموروث الشعبي قد تكون الملابسات واضحة ومن السهولة الكشف عن المسئولين على ذلك العبث وتقديمهم للمحاكمة¿¿!!