مملكة الرمال وأرض الميعاد.. عن الأصل والصورة
ثمة دولتان تم زرعهما في جسد الأمة العربية – بناء على ما رسمته اتفاقية سايكس بيكوعام ????وخططت له المخابرات البريطانية – لتنفيذ أجندة تخدم المصالح الاستعمارية الغربية والإمبريالية العالمية مستقبلا في السيطرة غير المباشرة على القرار السياسي وبسط النفوذ في الشرق الأوسط من بعيد بدلا عن الغزو العسكري الذي أثبت أنه مكلف ماديا ولم يعد وسيلة ناجعة كما كان سابقا . تلك الدولتان هما : مملكة عيال سعود عام ????م وإسرائيل ????م وقد كانتا مقدمة للواقع السياسي الجديد الذي فرضته اتفاقية سايكس بيكو نتج عنهما – ولأجل نشوئهما – دويلة الأردن بحكم الضرورة – لأنهما قامتا على الأراضي الخاضعة لنفوذ الشريف حسين وكان لا بد من تعويضه ظاهريا ولو بثمن بخس لأنه كان أداة من أدوات بريطانيا – وقد شكلت تلك الدول مثلثا يبقى متماسكا بتماسك أضلاعه الثلاثة وسقوط ضلع فيه يؤدي لسقوط المثلث كاملا ولا يخفى على كل قارئ فطن ومتابع لحلقات التاريخ المتعاقبة أن أهم القواسم المشتركة بين مملكة عيال سعود وإسرائيل أنهما تقفان من العروبة ومن الإسلام – غير الوهابي – موقف العدو والدليل على ذلك هو التعاون السري بين تلك الدول خلال الحروب المصيرية التي دارت بين العرب وإسرائيل وما تعاون السعودية وأسرائيل في الستينيات لإسقاط المشروع الناصري في المنطقة العربية من خلال إغراقه في حرب استمرت خمس سنوات في اليمن وتقديم الدعم اللوجستي والاستخباري لخصوم الجيش المصري وتزويدهم بالأسلحة الإسرائيلية المتطورة عن طريق السعودية والتي كانت سببا مباشرا لهزيمة يونيو????م . والدليل على ذلك أنه بمجرد خروج القوات المصرية من اليمن – في نوفمبر من نفس العام – رعت السعودية صلحا بين الملكيين والجمهوريين واعترفت بعده بالجمهورية الوليدة التي رفضت الاعتراف بها بسبب دعم وتواجد القوات المصرية فيها .
ومن التجليات المباشرة لذلك المخطط هو ما فعله الملك الأردني الحسين بن طلال في عام ????م بضربه بالطائرات مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية – بسلاح إسرائيلي وبغطاء ودعم سياسي سعودي وأمريكي غربي – بحجة تهديدهم للأمن القومي الأردني والصحيح هو تهديدهم للأمن الأسرائيلي لأنهم كانوا على وشك الدخول في حرب مع إسرائيل فقاتلهم الضلع الأردني نيابة عن إسرائيل وتم قتل المئات منهم وطرد الباقي إلى لبنان . كانت تلك من المحطات المشهورة التي أكدت صواب ما نقول .
وكما هو معلوم بأن الأسرة الهاشمية كانت هي المسؤولة والمسيطرة على إدارة الأماكن المقدسة في مكة والمدينة وبيت المقدس وتم الاتفاق بين المخابرات البريطانية وآل سعود والشريف حسين – جد الملك حسين – على التنازل عنها للسعودية وإسرائيل وتعويضهم بما يسمى اليوم الأردن مع الالتزام بحماية الأسرة الحاكمة فيها ومع بقاء الإشراف الشرفي غير المباشر للأسرة الهاشمية فلا تزال أوقاف تلك الأماكن تسلم لها حتى الآن .
لنفكر ولو للحظة : لماذا إسرائيل تحتل ثالث الحرمين الشريفين وعيال سعود يحتلون الحرمين هل هناك رابط بين ذلك ¿ أما أنها مصادفة – مع أن التاريخ والسياسة لا يؤمنان بالمصادفة ولا توجد ألا في عقول الحمقى والمغفلين فقط – خصوصا أن السعودية وإسرائيل هما الدولتان المهمتان بالنسبة لأمريكا وأوروبا وفي حال تعرضهما للعدوان فإن أمريكا وأوروبا تدافع عنهما بكل قوة وإذا سألنا عقولنا لماذا ¿ هل غيرة على الحرمين الشريفين والمسجد الأقصى ¿ أم حرصا على عملائهم الذين ينفذون أجندة بدأت تتضح ملامحها أكثر من خلال التعاون الذي بدأ يظهر على السطح بين المملكة وإسرائيل للمساهمة في الشرق الأوسط الجديد – أو الكبير – الذي أشار إليه شيمون بيرز في كتابه الذي يحمل العنوان عينه . وما تعاون إسرائيل والمملكة في تدمير العراق أولا – ابتداء من حرب الخليج الثانية المسماة عاصفة الخليج عام ????م ومرورا بغزوه عام ????م- وحرب لبنان في تموز عام ????م وسوريا في عام ????م وحتى الآن كان ذلك التعاون وتلك المشاركة تتم على استحياء وبشكل موارب .
أما الحرب على اليمن فقد بدأ ذلك التعاون بشكل أوضح من سابقيه ومن خلال مشاركة بعض الطيارين الإسرائيليين في ضرب أهداف داخل اليمن – خصوصا ضرب فج عطان بقنبلة حرارية إسرائيلية الصنع وبواسطة طائرة إسرائيلية كما أوردت الخبر بعض المواقع الإخبارية الأمريكية والإسرائيلية – يؤكد ذلك بما لا يدع مجالا للشك بأن اسرائيل والمملكة هما أصل وصورة لمشروع واحد يهدف لتحقيق الأهداف الأمريكية والغربية في المنطقة وما صمت المجتمع الدولي على جرائمهم المكشوفة – في فلسطين ولبنان واليمن – إلا دليل على تناوبهما كأصل وصورة لتنفيذ ذلك المشروع من خلال شراء وسائل الإعلام وبعض الكتاب والمثقفين لتبرير تلك الجرائم وتغطيتها .
ومن أهم ما يربط بين مملكة عيال سعود بإسرائيل هي الصبغة العنصرية التي جعلت من اليهود أبناء الله وأحباؤه واختارت لهم أرض الميعاد وجعلت أبناء النفط ومعتنقي ا