العرب.. إلى أين¿

هذا زمن الخطايا القومية الكبرى وجرائمنا الذاتية في حق بلداننا وأمتنا الجريحة ووطننا العربي الذبيح.. إنه زمن التمزيق الذاتي وشرذمة الأمة بأيدي أبنائها دون حاجة لمستعمر.. زمن التشنجات في كل شيء والتنطع الأخرق والتعصب الأعمى والأدلجة المدمرة والولاءات الضيقة والمشاريع الصغيرة.. زمن تزييف الوعي الجمعي وإلغاء العقل.. بماذا¿¿.. باستخدام خطابات متعالية تثير الأحقاد وفهم أهوج للديمقراطية ووسائل إعلام تتسابق في مهمة إيقاظ الفتن- بدلا عن مهمة التنوير!
عقود من الزمن ونحن العرب نعيش على أحلام القومية ونتغنى بالعروبة وناصر وتيتو ونهرو وجيفارا والمختار والجزائري والحسيني وبن بيللا وفيصل..الخ.. نحلم بالحرية والاستقلال والسيادة ونلعن سنسفيل أم القوى الغربية والامبريالية الاستعمارية والصهيونية ومن وراءها والكامب ومن معه والرأسمالية الانتهازية ومن في فلكها لكثرة ما ارتكبوه في أوطاننا من عار ودمار واستنزاف واستغلال وفتن وشرذمة لا ينكرها عربي!
كنا نعرف عدونا جيدا.. وتجمعنا ثوابت قومية متأصلة وإن تصارعنا.. بينما اليوم لم نعد نفهم ما يجري تائهون لا ندري ماذا نريد ومن نحن وأين نحن وإلى أين نتجه.. لم نعد نعي.. أضعنا الثوابت.. ففقدنا البوصلة كليا.. وانحرف مسار العرب في الاتجاه الخاطئ والجانب المظلم من التاريخ!
في هذا الزمن الأسود مايثير الضحك.. لكنه ضحك كالبكاء لكثرة ما شهدناه ونشهده من تناقضات ومفارقات تحار لها الافهام والعقول.. فقد ارتكب العرب والمسلمون اليوم أضعاف أضعاف مافعله بالأمس “الكامب- وبيكو- وبلفور” من محنة تقسيم وتقطيع أوصال.. وخربنا في أوطاننا أضعاف أضعاف ما خربه الاحتلال الانجليزي والفرنسي والبرتغالي وحتى الإسرائيلي وغيرهم من الفرنجة إبان الحقب الاستعمارية البغيضة!
في هذه الحقبة الجديدة ربما التاريخ يعيد نفسه لكن بمفارقة صادمة.. فنحن أمام تقسيم غريب من نوعه.. ثمة سايكس وكامب من نوع آخر.. كامب بأياد عربية تفتت وطنها بذاتها وتقسöم الكعكة بسكاكينها وتحول بلدانها إلى مسرح صراعات يدار بالريموت وينجز حروبا بالوكالة دون حاجة لمحتل!
بين أجيال الأمس واليوم فرق مهول يدعو للتحسر والبكاء.. أولئك عاشوا ولو شيئا من زمن الكرامة والكبرياء والثوابت القومية والصراعات الصامتة والحروب النبيلة والأنظمة المتعقلة وأحلام التقدم والتنمية والتحرر من التبعية.. هنيئا لهم.. أما نحن أجيال اليوم من سوء حظنا أننا صحونا على أمة بلا بصيرة وأنظمة خرقاء تستنزف مقدراتها الضخمة في صراعات جنونية وتفريخ جماعات عنف وخلط أوراق وتصرف على الحروب والسلاح والخراب والفرقة والكراهية أضعاف أضعاف ماتصرفه على النهوض والتنمية والعلوم والتكنولوجيا وبناء الإنسان ومكافحة الجوع!
بالأمس ربما كنا نشكو من أمة تأكل أبناءها وبيئة عربية طاردة تسبب تهجير عقولها وكفاءاتها وعلمائها للخارج ليستفيد منها الأجنبي.. فيما اليوم نحن أمام أمة ضارية تتسبب في ذبح أعناق وسفك دم وتهجير أرواح إلى المقابر وأحقاد وتدمير وتشريد وموجة نزوح هائلة إلى الصحاري والقفار الخالية من أبسط مقومات الآدمية!! سلام الله على تهجير العقول!
ربما كنا بالأمس نشكو من أمة تستورد أكثر مما تنتج وتأكل مما لا تزرع وتلبس مما لا تصنع بينما اليوم أمامنا أمة تمنح للقتل والموت أضعاف أضعاف ما تمنحه للحياة!!
بالأمس ربما كنا نشكو سلبية العرب ونحلم أن يتحالفوا ويوحدوا كلمتهم ومقدراتهم.. فيما اليوم-
صحيح- باتوا قوة الله المتحالفة.. لكن في المعركة الغلط.. سرعان ما يستأسدون على اليمن وسوريا والعراق وليبيا.. ويهربون من فلسطين ولبنان والجولان دهورا!! سلام الله على سلبيتهم..
بالأمس كنا نجلد أنفسنا.. ونصرخ: يا أمة ضحكت من جهلها الأمم….
اليوم ماذا سنقول عن أمة… بكت من جنونها وعبثها الأرض والسماء¿¿¿ سلام الله على الجهل!!
يامثبت العقل والدين.. أعد إلى أمتنا صوابها.. وإلى يمننا حöكمته ورأفة قلب أبنائه.. وذكرهم جميعا بلسان الشاعر العربي:
إذا احتربت يوما وسالت دماؤها
تذكرتú القربى فسالت دموعها.

قد يعجبك ايضا