موجبات الانتصار

سأل الرسول الأعظم محمد بن عبدالله عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام وفد أهل اليمن حين قدموا عليه مبايعين في عام الوفود عن سر انتصارات أهل اليمن في كل الحروب التي خاضوها أمام الاعداء وقال لهم:” بم كنتم تغلبون اعداءكم في الجاهلية¿” فأجابوه: يارسول الله نغلب اعداءنا بشيئين لا ثالث لهما كنا نجتمع ولا نفترق ولا نبدأ أحدا بظلم استحسن نبي الرحمة والإنسانية قول أهل اليمن وحسن تصرفهم وقال:” صدقتم واحسنتم” أو كما جاء في الحديث الشريف.
هكذا يقول التاريخ بأن أهل اليمن ما دخلوا في مواجهات عسكرية مع أعدائهم إلا وخرجوا منها منتصرين وكانت الهزيمة والانكسار من نصيب خصومهم وهو الأمر الذي كان محل استفسار خاتم الانبياء والمرسلين وسيد الأولين والآخرين الذي عدد فضائل ومناقب أهل اليمن في أكثر من 40حديثا صحيحا يعلمها جيدا كل العلماء وفقهاء السيرة المطهرة حتى وإن حاول بعضهم في هذا الزمان إخفاءها والتستر عليها لاهداف سياسية معلومة للجميع وأعني هنا بالتحديد بعض ” علماء الحكام والأمراء” بأرض نجد والحجاز ممن ذهبوا إلى ابعد من ذلك فأصدروا الفتاوى الشرعية بجواز قتل اليمنيين واستباحة أراضيهم واموالهم ووصمهم بصفات وألقاب لا تليق أبدا بأمة كانت محل ثناء ومديح سيد الخلق أجمعين عليه أفضل الصلاة والتسليم والذي قال بأنه يأتي يوم القيامة وفي يده عصا يذود بها الناس عن حوضه الشريف حتى يشرب أهل اليمن.
على هذا النحو من الرقي والنبل كانت أخلاق اليمنيين في الجاهلية وهذه هي السجايا والقيم الفاضلة التي اعتمدوا في تنظيم شؤون حياتهم سلما وحربا فكانوا يحققون النجاح والانتصار واكتسبوا احترام الجميع حتى قبل دخولهم الاسلام واعتناقهم دين الحق الذي أضفى على تلك السلوكيات السامية مزيدا من التهذيب والسمو.
اليوم وفي هذا الزمان الأرعن اختلف الأمر تماما وكأن عينا شيطانية قد أصابت أهل اليمن وتحديدا أهل السياسة منهم ممن أعماهم هيلمان السلطة والسلطان عن مسلك دروب الحق والهداية ليتفرق بهم السبل ويصبحون فرقا وشيعا وأعداء يضرب بعضهم رقاب بعض وإذا بالشحناء والكراهية والأحقاد عناوين للعلاقات فيما بينهم ليجد الأعداء والمتربصون في هذا الواقع الدخيل ضالتهم المفقودة منذ زمن بعيد ورأور فيه فرصة سانحة ومواتية فراحوا يسفكون دماءنا دون رحمة وينشرون الخراب والدمار في ارجاء أرضنا الطيبة على أوسع نطاق ممكن ولم يتوقفوا عند هذا الحد وإنما عملوا ومازالوا يعملون على استثمار تلك الخلافات والصراعات لتأجيج عوامل الفرقة والفتن التي باتت على أرضنا وكأنها ظلمات بعضها فوق بعض لينفذ الأعداء من خلالها تحت مبررات وحجج واهية لا تخفى أبدا أهدافهم الحقيقية والخبيثة التي يعرفها جميع اليمنيين بما فيهم أولئك الفرقاء من خصوم السياسة غير ان بعضهم يغض الطرف عنها ويتعمد تجاهلها مادام أنها تتقاطع مع مصالحه وتسهل له في مسعاه لبلوغ المجد والسؤدد .
نعم لقد فعلت السياسة فينا فعلتها وجعلت منا مطمعا سهلا لكل ناقم وحاقد .. لكننا لا نزال معتمدين على إرثنا الحضاري العريق نأنس ونتوخى في بعض السياسيين خيرا لنناشدهم ونستصرخ ضمائرهم من أجل العودة إلى جادة الصواب والتفكير قليلا في الوطن ومصالح أبنائه العليا والترفع عن الصغائر ونسيان الخلافات والمشاحنات من أجل الانتصار لتاريخنا التليد ومبادئنا السامية التي عرفت بها هذه البلاد العظيمة وأبناؤها الكرام على مر العصور.

قد يعجبك ايضا