جيش التناقضات !!!

في عدن يتمترس بعض أبناء الجنوب المغرر بهم جنبا إلى جنب في جبهة العدوان باسم المقاومة الشعبية وباسم استعادة شرعية هادي وباسم الانفصال عن شرعية هادي وباسم الوحدة اليمنية وباسم القضية الجنوبية وبأسماء أخرى تضليلية وحركات جهادية عابرة للحدود لا نعرف ماذا تريد ولا حتى تعرف هي نفسها إلى أين ستتجه.
وهذا مؤسف جدا فالحراك الجنوبي أقحم نفسه بين هؤلاء بعد أن كان إلى وقت غير بعيد طرفا على طاولة الحوار اليمنية وبعد أن كان قريبا جدا من تسوية سياسية عادلة وإذا به يفلح من قتله في الأمس وينجح اليوم في إعادته خطوات سريعة إلى الوراء ويحرفه عن مسار قضيته إلى مزالق خطيرة وصلت إلى حد الالتحام فعليا مع جنرالات وعناصر كانت السبب المباشر لنكباته ومآسيه خلال عقدين منصرمين من الزمان.
ومحال أن تنتصر قضية عدن وهي تستعين على أختها صنعاء بالرياض الحاقدة وأخواتها كما أنه مستحيل أن يحقق الجنوب نصرا لنفسه بمعزل عن شطره الشمالي والعكس صحيح فكما انتصر الجنوب بثورة سبتمبر 62 كانت القضية الجنوبية قاب قوسين أو أدنى من النصر بثورة سبتمبر 2014 الثورة الشعبية التي أسفرت عن قلب الموازين على الأقوياء ورجحت كفة المستضعفين ونادت بحق الوطن المطحون في العيش كريما مستقلا عن الوصاية والاستعمار.
لكن لسوء الحظ عاد عدو الجنوب والشمال كي ينبري في الوقت المناسب ليوهم الشطر الأول أنه ينوي تحريره وانفصاله ويوهم عملاء الثاني أنه جاء لإنقاذهم وبأساليب ذميمة ووعود شيطانية ماكرة وتلك حيلة كاذبة لا أصدق كيف انطلت على عقليات النخبة من الجنوبيين الأحرار  فكيف يرجون خيرا وهم يقاتلون إخوانهم المظلومين في الشمال بالوكالة عن العدوان وأمامهم طائراته وقواته الباغية تقصف عدن وصنعاء بنفس السلاح المدمر بذريعة رد الشرعية لرئيس من الشطر الجنوبي واستعادتها ليس إلى عدن ولكن إلى قصر في صنعاء.
ثم إنه كيف لم يثر ارتيابهم هدوء هذا المزيج المتناقض من العقائد والأهداف الذي يضم بين جوانبه اشتراكيين يؤمنون بفكر اقتصادي سياسي متحرر وإلى جوارهم عبيد مرتزقة خاضعين لنظام ملكي مستبد لا يؤمن بالحرية ولا يدعم الاستقلال إلى جانبهم تنظيم دولة الخلافة “داعش” العناصر التكفيرية التي أثبت فحص ال DNA في اليمن أنها نتيجة علاقة محرمة ارتكبتها السعودية مع أمريكا الشيطان الأكبر الذي ظل خمسة عشر عاما يزعم حربا على إرهاب هذا التنظيم الذي يرتع ويلهو في عدن وحضرموت بينما هو يتفرج من بعيد وكأنه غير موجود.
في الأخير لن أقول إلا ليحرسك الله يا عدن الحبيبة على مصيبتك ويحفظ أهلك المظلومين ويعين الحراك الجنوبي “الشريف” وليس المرتزق على ما هو آت من أحداث ففي ظل هذا الخليط الهجين لا أبشرهم بخير إلا إذا.. وفقط إلا إذا انتصر اليمن على هذا العدوان الحاقد ومرتزقته وسينتصر .. وإذا ما خفف الحراكيون العبء عن إخوانهم واقتصوا لقضيتهم من هذه التناقضات العجيية التي ستثبت لهم الأيام خطرها عليهم في المقام الأول حيث سيرون بأم أعينهم عند أول مفترق للطريق كارثية التغاضي والركون إلى هذا التنافر المخيف.

قد يعجبك ايضا