سقطرى جزيرة التبابعة

في عام 2011م طلب مني القيام بمهمة بسيطة في جزيرة سقطرى وبرغم أن السفر يصبح في مرحلة من مراحل العمر مشقة على الإنسان إلا أن حلم رؤيا سقطرى قد استوطن القلب كما استوطنت شجرة دم الأخوين تلك الجزيرة الحبيبة من أرض التبابعة.
ذهبت وأنا مسكون بالدهشة ونزلت بها وفي ذهني كل أطياف الماضي والحاضر وكل المعارف الغريبة منذ قرأت قبل نحو أربعين عاما عن سقطرى في مجلة العربي وكان هذا أول العهد بمعرفة سقطرى التي ارتبط اسمها بشجرة دم الأخوين التي ظلت صورتها منذ ذلك الحين محفورة في الذاكرة.
أشد ما آسفني أنني أتيت الجزيرة وهي تشكو من الجفاف وقد كان هذا الحال باديا على ملامح الجزيرة أسأل الله أن يسقينا الغيث الهنيء المدرار وأن يجعل لسقطرى نصيبها الوافر من رحمته.
أول ما لاحظت أن أشجار الجزيرة التي كنا نمر عليها من المطار وحتى مدينة “حديبو” على مستوى واحد من العلو وأنها تصطف كالجند في الساحات متسقة رغم أن يد الإنسان لم تعمل شيئا في زراعتها ولا تقليمها ولا ترتيبها.
وكانت الأحجار والصخور التي نحتتها الرياح عبر الأعصار تتخذ لها مواقع وأشكالا خرافية كأنما هي لوحات سريالية.
تمر عليها وكأنها جميعا تسلم عليك وتخاطبك بمختلف إيحاءاتها وكانت الرمال البيضاء التي تسفها الرياح من الشاطئ تتسلق الجبال فتبدو لك من قريب ومن بعيد كأنها غطاء من الثلج الأبيض.
أما المياه الزرقاء الصافية التي تكشف ما تحتها من شعب مرجانية ومخلوقات مائية فتصطادك إليها قبل أن تفكر باصطيادها.
سقطرى كانت جزءا أساسيا من ممالك التبابعة منذ أكثر من ثلاثة آلاف سنة وقد ورد اسمها في التاريخ باسم “سكرد” وكانت مصدرا أساسيا من مصادر المر والبخور ومختلف المنتجات العطرية التي كانت تحتاجها معابد مصر والهند وفارس والصين وكانت في فترة من تاريخها سوقا عالميا تتلاقى فيها كل منتجات الأرض.

كم تمنيت أن كل أسرة يمنية تذهب لترى جزيرة أجدادنا التبابعة وليروا أصولنا الحميرية والسبئية فيها.

قد يعجبك ايضا