الإرهاب والإرهاب الدولي

ليس الإرهاب فقط ما تقوم به الجماعات المتطرفة من عمليات انتحارية وسيارات مفخخة وتفجيرات إرهابية على النحو الذي حصل مؤخرا في السعودية والكويت وتونس ومصر ولكنه أيضا ما تقوم به الدول ضد غيرها من الدول على النحو الذي تمارسه دول العدوان بقيادة المملكة العربية السعودية منذ أكثر من ثلاثة أشهر على اليمن أرضا وإنسانا بل هو أشد أنواع الإرهاب فتكا وأكثرها وحشية وأخطرها على مستقبل الإنسانية .
في الجمعة الفائتة استنكر العالم واستنكرنا معهم العملية الانتحارية التي طالت المصلين في مسجد الإمام الصادق بدولة الكويت وهم يؤدون شعائر صلاة الجمعة ولكن العالم ظل صامتا أمام العملية الإرهابية التي طالت المصلين في مسجد المحابشة بمحافظة حجة اليمنية وهم يؤدون شعائر صلاة الجمعة أيضا.
الضحايا في مسجد الكويت لا يختلفون في شيء عن الضحايا في مسجد المحابشة باليمن فكلهم مدنيون استهدفهم الإرهاب وهم ضيوف في بيتين من بيوت الرحمن يؤدون صلاة الجمعة والعملية الإرهابية في الكويت نفذها انتحاري سعودي الجنسية ينتمي إلى إرهاب الجماعة والعملية الإرهابية في اليمن نفذتها الطائرات السعودية من الجو على مرآى العالم ومسمعه وهي تنتمي إلى الإرهاب الدولي .
إن الإرهاب الذي تمارسه الجماعات المتطرفة على أكثر من محيط جغرافي ما هو إلا صدى خافت للإرهاب الدولي الذي تمارسه السعودية في اليمن ابتداء من قتل المدنيين من النساء والأطفال ودك المنازل على رؤوس ساكنيها مرورا بتفجير المساجد وتفخيخ  مقابر الأولياء والصالحين    وصولا إلى استهداف الآثار التاريخية والمعالم الحضارية وسوى ذلك من الأعمال الإرهابية فما تمارسه الجماعات الإرهابية سرا هنا أو هناك تمارسه السعودية علنا في اليمن على مرأى ومسمع العالم يوميا منذ أكثر من ثلاثة أشهر متواصلة مسخرة قنواتها الإعلامية ومنابرها الدينية في تبرير جرائمها والحض على مواصلتها.
صمت العالم اليوم وتواطؤه عن الجرائم الإرهابية التي تمارسها المملكة السعودية في اليمن ليس مؤشرا يكشف فحسب عن مدى إفلاس الضمير الإنساني الذي يعيشه العالم وتهافته على تحقيق الكسب المادي ضاربا عرض الحائط بالقيم الإنسانية والشرائع السماوية والقوانين الأرضية التي تحرم الظلم والعدوان ولكن هذا الصمت يعد مؤشرا خطيرا جدا يكشف عن تنامي مستقبل الإرهاب وتزايد امتداداته الجغرافية في الأيام القادمة .  
الأمم المتحدة ليست بمعزل عن هذه المفارقة فهي تدين بشدة قيام طائرات التحالف العدواني على اليمن بقصف مقرها في عدن مستنكرة جرح حارس المقر ولكنها ظلت صامتة أمام مشاهد القتل اليومي لآلاف المدنيين اليمنيين الذين تدك طائرات التحالف بيوتهم على رؤوسهم في فضيحة عالمية .
إن خلاص العالم اليوم من الإرهاب يتطلب الوقوف بحزم عالمي ومسؤولية إنسانية أمام الإرهاب الدولي الذي تجلت مظاهره في ممارسة السعودية باليمن فالإرهاب الدولي هو الحاضن المنتج لإرهاب الجماعات المتطرفة وهو الراعي الرسمي لها بصورة مباشرة أو غير مباشرة وبدون ذلك ستظل الجماعات الإرهابية في تزايد مستمر وتنام مطرد ما دامت منابعها تحظى بتواطئ عالمي وحماية دولية وستكون دول التحالف العدواني هي أول من سيحترق بنار الإرهاب الدولي ويعاني من ويلاته تليها الدول المشجعة له والمتواطئة معه.

قد يعجبك ايضا