العدوانية الحمقاء تدفع المنطقة نحو الحرب الكبرى!

منذ أمد بعيد موغل في القدم بنى الغرب عموما والقوى المتنفذة فيه خصوصا موقفا عدوانيا إزاء العالم العربي والإسلامي قام على سوء فهم مقصود ومنحرف تولت الاعتقادات والأفكار المشوهة المدعمة بالممارسات الخاطئة تحويله إلى سوء فهم مقدس ثم قامت هيئات ومؤسسات عاتية على غرار مؤسسة الاستشراق الانجلو سكسوني تحديدا – بإعادة إنتاجه وتنميته وتصعيده وتأكيده أو كما يقول إدوارد سعيد «تحويله لمصاف ممارسة ثقافية صلبة» وحدها فقط الأمم الممتلئة بذاتها تجنبت هذا المنزلق على غرار ما فعل الألمان و«بعض» الاستشراق الفرنسي.
لا لم يسبق لأمة أو طرف أو جهة أو إمبراطورية أن اهتمت بثقافة أخرى مثلما اهتم الغرب بالثقافة العربية الإسلامية وحامليها على نحو مشوه وغاشم وظالم عموما وقد وفر بعض «المحسوبين قهرا وزورا» على الثقافة العربية الإسلامية وهم كثر كغثاء السيل ما يدعم وجهة نظر الغرب المصممة سلفا عن العرب والمسلمين هنا ليس من المثير في شيء أن المحسوبين زورا على العروبة والإسلام هم بالذات حلفاء الغرب الموضوعيين وشركاؤه في التشويه وقد تجنب الغرب عن قصد وعن وعي خبيث التعامل مع البنيات الحقيقية والأصيلة التي تمثل جوهر الثقافة العربية الإسلامية الحقيقية القادرة على بناء الشراكات المجدية والمتينة.
وقد عبرت هذه العدوانية عن نفسها قديما وحديثا بصور وأشكال مختلفة امتدت من التصورات والتمثلات إلى الوقائع وإذا كانت حروب الفرنجة نموذجها القديم فإن عملية استعمار العالم العربي بعد تفكيك الامبرطورية العثمانية قد كانت نموذجها المتجدد الذي واصل الموروث القديم وأضاف له فصولا كثيرة وصل لذروته عبر مساهمة الغرب الحاسمة في إقامة دولة «إسرائيل» في قلب العالم العربي والإسلامي وفي صميم جغرافيته وروحه معا ولم يدخر الغرب ذاته جهدا في رعاية «إسرائيل» كفكرة فدولة فسياسات وتدعيمها وتوظيفها. «إسرائيل» التي يرى أديب ديمتري بأنها تمثل «ذروة العدوان الغربي على الشرق».
وعدوانية الغرب وغرائزيتها ولؤمها هي المعطى الذي يفسر الخلفية الحاكمة لفهمه وتعامله مع المنطقة وشعوبها وقضاياها وفي هذا السياق استخدم الغرب العقل بصورة سلبية ومدمرة معادية للمنطق السليم حتى من زاوية تحقيقه لمصالحه الحيوية كما كان استخدامه للعقل على خصومة مع الموضوعية لأن الموضوعية تفترض من الغرب طريقة أخرى في التعامل تضمن له مصالحه المشروعة وتحققها على نحو أدوم وأفضل وأحسن وأليق… مقبول ومتوازن وبفهم ممارسات الغرب من هذه الزاوية يمكن العثور على كل ما من شأنه أن يدين عقله العدواني ويكشف عن تناقض أخلاقي وفكري وسياسي فادح يقوم داخل منظومة تفكيره كما يكشف عن مدى فساد رؤيته وسلبيتها وهنا يصبح من الطبيعي أن نرى المنطق السليم والموضوعية في رؤية الأشياء وفهمها كضحايا لهذا الفساد.
كما أن العدوانية اللئيمة ذاتها هي التي تفسر موقف الغرب المعادي على نحو حاسم للنزعة التحررية الاستقلالية ومن يحملها في المنطقة التي قامت في حواضر العرب تحديدا من جمال عبد الناصر والحالات التي سبقته أو من الانعتاق الجزائري أو من دولتي «البعث» في سورية والعراق أو من تحرير اليمن أو موقفه من الحقوق الوطنية للفلسطينيين التي كان الغرب الماكر يرى نتائج مساهمته الحيوية في تحطيمهم كشعب دون أن يرف لعقلانيته المدعاة جفنا وادعاءاته عن الديمقراطية وحقوق الإنسان وحقوق الشعوب في تقرير مصيرها.
وفي كل لحظة أو موقف يرتبط بالمنطقة وقضاياها برهن الغرب على سقوط أخلاقي للمنطق الذي يعتمده ضد النزعة التحررية لشعوبها والحركات التي مثلتها علما أنها حركات لم تطلب سوى ممارسة حقوقها الطبيعية المشروعة ولم تشكل تهديدا لأحد ولم تطرح مساسا بمصالح أحد طالما أنه لا يمس مصالحها وعواطفها ويحترم طموحاتها ولم تطالب بغزو أحد بل طالبت الجميع بكف يدهم عن إيذاء شعوب المنطقة واستغلالها واستباحتها ودعت الغرب حصرا نظرا لاعتبارات عدة لعلاقة سوية متوازنة تلبي المصالح المشتركة وتقوم على الاحترام. ورغم ما كانت توفره هذه الخصائص من فرص للغرب لتعديل أخلاقه وتصويب نظرته للمنطقة ولشعوبها إلا أنه أبى وكان تكفيريا بالمعنى السياسي والثقافي والفكري في هذا الصدد.
ورغم أن الغرب ذاته ناهيك عن «إسرائيل» بالطبع كان يرى حجم المتغيرات الحاصلة في المنطقة بحكم مفاعيل عدوانيته في وعي المغلوبين والمظلومين وضحايا سياسته وما ترتب عن ذلك من مقاومات إلا أنه لم يجنح لتعامل عاقل معها وعوضا عن اختياره للتفاهم مع القوى التحررية التي تحمل مشروعا تحديثيا له علاقة بالعصر تمادى في عدائيته من جهة وعزز روابطه وحمايته لتركيبات تقليدية محلية متخلفة أو م

قد يعجبك ايضا