قبائل يمنية تجتاح الحدود : إنه تأديب وليس الرد
بعد السيطرة التامة على عدن صعدت قوى العدوان على اليمن من حملات القصف الجوية والبرية. وارتكبت مجازر في محافظات الشمال. كل ذلك حصل خلال يومي الاثنين والثلاثاء. فردت القبائل الشمالية بقصف صاروخي ومدفعي لعدد كبير من المواقع العسكرية الحدودية بالإضافة إلى مدينة جيزان.
على الأثر عقدت القيادات العسكرية السعودية اجتماعا طارئا خرج بعده المتحدث العسكري احمد العسيري معلنا الاستعداد لرد قاس. وما هي إلا ساعات حتى شن الطيران السعودي غارات وحشية وألقت الطائرات المئات من الأطنان على قرى وبلدات صعدة ما جعل المشهد مشابها لما حصل في حرب تموز 2006م في لبنان.
على الأثر قرر أفراد القبائل اللجوء إلى تطور نوعي تمثل بشن هجوم واسع على جميع النقاط الحدودية قبالة صعدة والسيطرة عليها وقتل نحو 15 عسكريا سعوديا والاستيلاء على عتاد وأسلحة. تلاه انسحاب كامل للقوات البرية والمدرعات السعودية نحو الشمال. وعند محاولة الطيران المروحي مساندة الجنود الفارين تمكن مقاتلو القبائل من إصابة طائرة أباتشي سرعان ما وقعت داخل الأراضي السعودية.
ومساء أمس دعا ولي العهد محمد بن نايف إلى اجتماع عسكري طارئ انطلقت على إثره عشرات الطائرات السعودية في حملة قصف جوية غير مسبوقة متسببة بتدمير كبير وشامل في عدد غير قليل من مناطق صعدة. لكن على الأرض لم تتحرك سوى قوافل لوجستية غير كبيرة لأجل إبقاء الجنود في مواقعهم الجديدة دون أي محاولة للتقدم من اجل استعادة المواقع السابقة. علما أن مجموعات القبائل واصلت ليل أمس التقدم داخل المناطق السعودية الحدودية مع قرار بتفادي الاقتراب من أي تجمعات سكنية مع العلم أن عملية إجلاء واسعة بدأت خلال اليومين الماضيين وتستمر لنقل عشرات الآلاف من أبناء هذه المناطق إلى الشمال.
التحول المفصلي قال رجال من قبيلة بكيل المير انه تنفيذ «انتقام خاطف» لعمليات القصف. وقد حصلت عملية توغل عسكري ليلي مفاجئة أحيطت بتكتم كبير انتهت بعد ساعات قليلة مسفرة عن مقتل اثني عشر جنديا سعوديا يعملون في أربعة مواقع عسكرية حدودية. هذه المواقع سيطر عليها رجال القبيلة وأحرقوا فيها أطقما عسكرية وأعطبوا جرافتين وغنموا مدفعية متطورة. وعقب الهجوم بساعات قصف مقاتلو القبيلة بأكثر من 50 صاروخا منطقة العين الحارة حيث يعتقد أنها مقر لأفراد حرس الحدود السعودي.
معرفة رجال القبيلة بطبيعة الأرض الجبلية الحدودية ساهمت كثيرا في إيجاد ثغر فاجأت الحرس الحدودي وتغلبت على أجهزة الرصد والمراقبة المستخدمة من قبل الحرس السعودي وبالتالي إنجاح العملية. ويحرص مقاتلو القبيلة على التأكيد أن العملية تجنبت الإضرار بالمدنيين وركزت على ما سموه «معاقبة الجنود العاملين في المواقع التي تستهدف الطريق العام في حرض والملاحيظ» وهي الطريق المشتركة بين محافظتي صعدة وحجة.
ويقول أحد رجال بكيل المير إنه كان يجب «تأديب» الجنود السعوديين ومعاقبتهم على الجرائم اليومية التي يرتكبونها بحق المدنيين والمارة في مناطقنا شارحا في السياق أن هؤلاء قطعوا الطريق العام تماما في منطقة الحصامة ما أدى إلى مضاعفة أوضاع الناس المأسوية. ويروي الرجل أنه قبل يوم واحد من العملية تعمد حرس الحدود السعودي إحراق مركبتين محملتين بالمواد الغذائية حين قتل السائقان بعدما استهدفتهما المدفعية السعودية وقبلها بفترة قتلوا أسرة بأكملها كانت في طريقها للنزوح فضلا عن عشرات الحوادث المماثلة مضيفا: «نحن كقبائل نؤكد للجميع أن هذا الرد لا علاقة له بالرد الرسمي الذي تحتفظ به الدولة وفق التوقيت والظروف المناسبة».
وقد التحم مقاتلون من قبائل بكيل مع جبهة مقاتلي قبيلة همدان بن زيد لتنفيذ أعمال هجومية ضد مواقع الحرس السعودي وسط حديث عن تقدم متواصل لهم في منطقة نجران السعودية وهروب مئات الجنود السعوديين. وتؤكد مصادر في القبيلة اغتنامها أسلحة حديثة ومتطورة يستخدمها مقاتلو القبيلة حاليا لضرب مواقع عسكرية في عمق نجران. وتشير المعلومات إلى رفض المقاتلين عرضا تقدم به النظام السعودي يقضي بوقف الغارات والضرب المدفعي على المناطق التي تقطنها قبيلة همدان مقابل وقف مقاتلي القبيلة غاراتهم على المواقع السعودية وتسليم الأماكن التي سيطروا عليها سابقا .
هذه الأحداث تنبئ بقدرة القبائل على السيطرة على زمام المبادرة ونقل المعركة إلى الداخل السعودي الأمر الذي يخشاه نظام آل سعود وخصوصا بعد فقدانه الثقة بالجندي السعودي ما جعله يلجأ إلى «شراء» جيوش من دول أخرى بالإضافة إلى استغلال الوضع الإنساني للأيدي العاملة داخل الأراضي السعودية من الذين يجري حاليا تدريبهم للقتال.
وشهدت محافظة صعدة بعد تصعيد القبائل اليمنية أعمالها العسكرية أكثر من مائة غارة جوية توزعت على مختلف المناطق بدءا من المناطق الحدودية وحتى عاصم