ياهؤلاء ….. الحضارات لا تقتلها الطائرات!!
بعيدا عن كل معاني الواقعية وصورها, واستمرارا لما تتبناه من سلوك عدواني تكبري واستعراض للقوة والإمكانات, تواصل المملكة السعودية آلة القتل والتدمير التي انتهجتها وتنتهجها ضد بلادنا مستهدفة المواطنين الأبرياء في مساكنهم وأحيائهم السكنية التي أبعد ما يمكن أن تكون أهدافا عسكرية أو قتالية كما يدعي العدوان في وسائل إعلامه وهو يحاول التبرير لما سفكه من دماء وما أزهقه من أرواح لنساء وأطفال, لم يكن لهم من ذنب إلا كونهم من وطن جار لهذه الدولة المتكبرة الفاسدة التي فشلت وما تزال تفشل في إبداء أسباب حقيقية ومبررات شافية لهذه الحرب الغاشمة التي تقودها ضد اليمن واليمنيين!!
عنجهية واستكبار لا حدود لهما, ما يعني حمقا وغباء لا مزيد عليهما, كثرت التبريرات حتى ضلت وأضلت وتضاربت قوائم الأهداف حتى اختلطت, فلم يبن منها شيء يمكن أن تعتبره هدفا عسكريا منطقيا في هذه الحرب الشعواء التي تقودها مملكة آل سعود ضد بلد لم يعرف منه ولاعنه إلا كونه الأكثر تعاطيا في سبل ومعاني الجوار والاعتزاز العربي والقومي والتسامح والتنازل لكل ما هو عربي إسلامي ولكل ما من شأنه رفعة هذا الانتماء وهذه القومية التي كان وما يزال على الدوام أول المنادين إلى عزها وشرفها وفي طليعة المتغنين والمعتزين بها. وذلك بالطبع بفعل موقعه ومكانته التي يشهد بها التاريخ منذ الأزمنة الغابرة الأولى وباعتباره مصدرا أولا للقومية العربية انتماء وتأسيسا.
_ ولا أعتقد إلا أن ذلك من أول وأهم دوافع هذه الحرب الغبية .. إنها تفتقد المبررات والأسباب وتشكل منذ اندلاعها علامة استفهام كبرى في مختلف بلدان العالم, مما يعيدها إلى سبب حقدي غيور من قبل هؤلاء المعتدين, الذين حاولوا ومازالوا منذ أكثر من نصف عقد التخلص من عقدة الانتماء والتاريخ والعزة والمجد ووغير ذلك من الصفات والمميزات التي تذهب إلى اليمن كبلد مصدر لواحدة من أهم الثقافات والتكوينات الإنسانية المعاصرة – نعم إنه اليمن البلد الذي استأثر بالحضارة والعراقة …. فكان لذلك هدفا لهذه الدولة حديثة المنشأ, والتي تفتقد إلى أي تاريخ يمكنها الاعتزاز به, عدا ما تمتلكه من ثروات اقتصتها أو بالأصح نهبتها بضعة أسر في المنطقة واستحوذت عليها لنفسها..
_ ولعل ما يكاد يثبت ذلك بتأكيد شبه مطلق أن الاستهداف هذا الذي يتعرض له اليمن واليمنيون ليس الأول من نوعه, وإنما بدا واضحا ومؤكدا على أن المعني به هي الشعوب والأوطان التي مثلت وتمثل مصادر للحضارات العريقة والتواريخ الثرة…
………., فمن العراق إلى مصر التي استعصت على الأخذ والانهيار ولكن يبدو أن نصيبها قادم لا محالة , ثم إلى سوريا ذلك البلد الحضاري العريق الذي ما يزال يواجه مصيره ويقاوم ذلك الاستهداف الحقير الذي تقف وراءه بلدان فاشلة كل ما تمتلكه المال الذي تحرم منه شعوبها وتبذر بصرفه في صياغة وتشكيل وقيادة حروب عبثية لا معنى لها ضد تلك البلدان التي تدعي هي نفسها ارتباطها بها فقط لنيل العزة والمجد والانتماء… ثم تحاول قتلها معتقدة أن ما تمتلكه من مال بإمكانه أن يقتل حضارات ومسلمات عمرها آلاف السنين !!
* ولو دققنا النظر والتأمل حقا, لابد أن يشخص في وجدانها تساؤلات مهمة للغاية: لماذا العراق¿! لماذا سوريا¿! لماذا مصر¿! لماذا اليمن¿! لماذا هذه الشعوب فقط دون غيرها هي من تستهدفها الحروب والعدوان ومحاولات التقويض والإفناء إما بأيد عربية يفترض أنها شقيقة أو بأيد أجنبية وتمويل سخي من تلك الأيدي الشقيقة التي تبدي في الظاهر عناقها للأشقاء فيما تضمر خناجرها السامة للتخلص من تلك الشعوب القابضة على حضارة عريقة!!
_ إنه من اللازم والضروري اليوم الإيضاح والإبانة لهذه العدوانات التي تستهدف حضارتنا أن القضاء على الحضارات أبعد وأصعب من أن تحرك بضعا من الطائرات لقتل شعوبها وتجويعها وإذلالها, وأن الشعوب الحضارية العريقة أصعب من أن تدني رؤوسها وتسلم رقابها بالشكل والكيفية التي تعتقدها هذه البلدان أو بالأصح هذه العصابات الأسرية التي تدعي أنها تمثل شعوبا وأوطانا ,فقط بكونها تقود هذه الشعوب المغلوبة على أمرها وتستأثر بثرواتها وإمكاناتها الضخمة لتنفيذ مشاريع انتقامية وعدوانية بدلا من أن تستخدمها في تنمية أوطانها وترفية شعوبها المسحوقة !!
* أخيرا ..على كل من يتبنى هذا العدوان على يمننا العزيز ويقودها علينا وعلى شعوب عربية مثلنا أن يراجعوا حساباتهم جيدا وأن يدركوا بأن هذه الشعوب التي يتعاملون معها ليست شبيهة بشعوبهم البائسة والراضخة لما يمكن تسميته واقعا ..وعلى شعوبهم نفسها أن تنتهز من هذه الأحداث لتمثل فرصة مناسبة للانتفاض على هذه الأنظمة الفتاكة الظالمة والقيادات المستبدة التي لم تكتف بسحقهم ومصادرة ثرواتهم والاستئثار بها بل واستخدامها بعبث وسفه كبيرين في الاعتداء على شعوب شقيقة ظلت وما تزال تمثل أهدافا لذلك