حـــرب الرز
ما ذنب اليمن التعيس لكي يرسل السيسي إليه 50 ألفا من قواته تشارك في تدمير ما تبقى منه¿!
في كلمة له بعد اجتماعه مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة قدم حجتين الأولى تأمين باب المندب والثانية “حماية أشقائنا” أما الإجابة المسكوت عنها فهي أن اليمن بلد فقير لا يملك من “الرز” قدرا كافيا لدفع حاجة السيسي إليه بينما السعودية ودول الخليج صاحبة المصلحة الرئيسة في الحرب تملك اشولة منه!
باب المندب ممر للتجارة العالمية تحرسه أساطيل الدول العظمى وليس في مقدور الحوثيين ولا غيرهم أن يهددوه وأشقاؤنا في الخليج لم يعتد اليمن أو أي طرف ينتمي إليه على دولة من دوله هذا عن حاضر العلاقة بين طرفي الحرب الدائرة أما عن ماضيها فالسعودية كانت هي دوما المهددة والمتآمرة والمستغلة لفقر جارتها اليمن في شراء ولاء قبائلها وتأليبها على بعضها البعض وفي ضخ المليارات لنشر المذهب الوهابي بأرجائها.
والسعودية كذلك ومعها دول الخليج هي من ساهمت بدرجة كبيرة في رسم خريطة القوى الحالية باليمن فغلبت كفة الحوثيين بعد أن أدارت ظهرها بالأمس لحليف اليوم عبد ربه منصور وأوقفت دعمها لحكومة أحزاب اللقاء المشترك وحزب المؤتمر وتعاملت معها على أساس أنها حكومة إخوانية.
الباكستان تراجعت عن المشاركة في هذه الحرب رغم الإغراءات الخليجية وصرح أحد مسؤوليها بعد تصويت البرلمان ضد قرار المشاركة: جنودنا ليسوا مرتزقة. معنى ربما يكون غائبا عن السيسي الذي يغشى الوغى بجيشه طمعا في المغنم!
هذه المغامرة التي يخوضها السيسي من أجل “الرز” لن تكون صفقة رابحة كما يظن فالحرب ليس فقط قد تبدأها ولا تعرف متى تنتهي¿ بل لن تعرف أيضا حجم تكاليفها إلا مع إطلاق آخر رصاصة فيها وإيران التي تبارزها السعودية على أرض اليمن لن تعرض عن فرصة كهذه طرقت بابها ـ دون جهد منها ـ لاستنزاف سعودي طويل الأمد بين جبال ودروب اليمن الوعرة وإذا كانت السعودية لديها من المقدرات ما يجعلها قادرة على تحمل النزف لزمن طويل دون أن يساورها الألم فبلدنا تعتصره الآلام حتى قبل أن يذهب إلى الحرب!
يغامر السيسي بآخر أوراق القوة التي تملكها مصر حيث مضى زمن نفوذ الثقافة وجاذبية الأيديولوجيا ومزاعم الريادة بقي فقط جيش أكتوبر كما هي صورته في الأذهان وتبدد هذه الصورة يعني نزع ورقة التوت الأخيرة عن مصر لتقف عارية في منطقة تضطرم بالاضطرابات وأول من سيقذف هذا الجسد العاري بحجر دول حوض النيل الإفريقية!
كلمة أخيرة:
هذا بلد مخطوف لحساب رجل واحد لكن الرهائن لا تبدر عنهم أية حركة تدل على المقاومة أو حتى على القلق والتململ برغم كل الأصوات المحذرة من وضع كهذا لذا لا يسعني إلا الابتهال لله بدعاء لوط “رب نجني وأهلي مما يعملون”.
* صحيفة البديل المصرية