الاحتكار عدوان أيضا

لا فرق بين أن تقتل إنسانا بأي نوع من الأسلحة وبين أن تقتله جوعا بمنعه من الحصول على الغذاء والدواء نتيجة احتكارها إما بإخفائها أو بزيادة ثمنها بحيث لا يستطيع في الحالتين شرائها.. النتيجة إذا قتل مع سبق الإصرار والترصد إما بالسلاح أو الاحتكار ولا يختلف هنا أن كان القتل من الخارج أو الداخل.
ويكون الاحتكار أكثر ضررا عندما يقترن بالعدوان الذي تتعرض له البلدان كما هو الحال ببلدنا اليوم فالمحتكر يؤدي نفس الهدف الذي يرومه المعتدي وكل منهما يكمل دور الآخر.. فلا يخفى بأي حال من الأحوال أن الحروب على الدول تستهدف أيضا إلى جانب القصف تضييق الخناق على دخول المواد الغذائية والأدوية نتيجة الحظر البري والجوي والبحري وبالتالي فإن الحصار المفروض يقود إلى شحة السلع ويجعل المحتكرين يقومون بعملهم الإجرامي على الأرض.
بعض تجار المواد الغذائية ما إن يسمعوا بأن هناك حظرا على وصول السلع إلى البلد حتى يقوموا بنقلها إلى مخازن بعيدة ويجعلون محلاتهم خاوية مما يخلق الهلع في نفوس المواطنين والذين بدورهم يساعدون المحتكرين على تنفيذ إجرامهم من خلال شراء كميات مهولة من المواد الغذائية وبالتالي يمنعون غيرهم ويغلون الثمن.
الدواء بدوره يشح في الصيدليات خاصة للأمراض المزمنة مما يجعل المريض بين حلين إما الموت أو بيع أغلى ما لديه للحصول على جرعة الدواء وهنا تكمن الخسة والدناءة عند من يقوم بإخفاء الأدوية من مستحقيها قصد التربح.
المشتقات النفطية هي الأخرى تكون في قمة السلع المحتكرة ليس فقط من أرباب المحطات بل من المواطنين أيضا فتراهم جميعا يخفون البترول والديزل والغاز والغاز ليصل ثمنها في السوق السواء إلى عشرة أضعاف فنجد اليوم أن دبة البترول يصل ثمنها إلى 24 ألف ريال فيما قيمتها الحقيقية 3000 ريال فقط وباختفاء المشتقات النفطية تتوقف الحياة من خلال شل حركة المواصلات وإغلاق محطات توليد الكهرباء وغسيل الكلى وغرف العمليات.. وهي حالة إبادة بحق المواطنين.
على المؤسسات الحكومية الرقابية القيام بواجبها خاصة في هذا الظرف الصعب وبلا ريب فإن المواطن البسيط سيساعدها في القبض على مجرمي الاحتكار وهي رسالة نوجهها كذلك إلى الإخوة المواطنين بالإبلاغ الفوري عنهم فهم مجرمون يستحقون العقاب.
ينبغي مداهمة أوكار المحتكرين وإفراغها من خلال بيعها على المواطنين بالسعر الحقيقي.. فلو فعلت الأجهزة الرقابية والأمنية هذا فإنها لن تجد محتكرا بعد اليوم فالذي يجعل المحتكرين يتوسعون في عدوانهم للشعب هو عدم معاقبتهم.
على المواطن اليمني النظر إلى المحتكر عن كونه هو مجرم ويساعد العدوان والمعتدين فهو ينفذ أجندة هدم البلد وقتل مواطنيه ومن هنا فإن العقاب ينبغي أن يكون على أشد ما يكون وبهذا سيكون عبرة لمن تسول له نفسه اللعب بأقوات الشعب.
وعلى المواطن أيضا ألا ينخدع بأن الخارج جاء لمساعدته فالمساعدة لا تكون بحظر دخول المواد الغذائية والنفطية والدوائية وعلى العكس من ذلك يدخل السلاح ليكون وسيلة للقتل فقط.. أين هي المساعدات الإنسانية للدول الخارجية واليمن يعيش عدوانا على مدى أكثر من أسبوعين.. هل ينتظرون حتى يتم تصفية كافة الشعب حتى يفكروا في الحالات الإنسانية.
إن اليمن يعيش حالة كارثية فإلى جانب القتل الذي يطال المواطن الذي لا دخل له في الصراع الدائر فإنه يفتقد اليوم لكل مقومات الحياة في درجاتها الدنيا نتيجة القصف والحظر.. والنتيجة التي يريدونها هي تركيع الشعب الكريم وبالتالي فإن الاحتكار هو عدوان أيضا.

قد يعجبك ايضا