اتقوا غضب الشعب اليمني
تزدحم شاشات محطات التلفزة العربية والخليجية منها بالذات بأخبار القصف الجوي في اليمن والأهداف التي تدمرها وسط حالة من النشوة غير مسبوقة ولكن من النادر أن تعرض صورا للقتلى من المدنيين الأبرياء الذين يسقطون من جراء هذا القصف وتؤكد الأمم المتحدة أن عددهم وصل إلى ما يقرب الألف قتيل وثلاثة آلاف جريح حتى كتابة هذه السطور.
الشاشات نفسها كانت وما زالت تزدحم بجثث القتلى المدنيين الذين حولتهم إلى أشلاء القذائف الصاروخية في سورية أو ضحايا تنظيم “الدولة الإسلامية” في العراق وجبل سنجار ولكنها ونعرف الأسباب حتما لم تبث صورة واحدة لطفل يمني قتيل أو حتى مصابين وهي التي تدعي المهنية والموضوعية ويطرح بعضها شعار “الرأي والرأي الآخر” وكأن الحرب الدائرة حاليا في اليمن لما يقرب من الأربعة أسابيع تستخدم قذائف الورود والرياحين وليس صواريخ أمريكية الصنع تحمل رؤوسا شديدة التدمير للحجر والبشر معا.
الوضع الإنساني في اليمن في ذروة السوء وهذا ليس كلامنا وحدنا وإنما بان كي مون أمين عام الأمم المتحدة الذي طالب بهدنة فورية لإيصال المساعدات الإنسانية والمواد الغذائية لأكثر من 25 مليون يمني باتوا مقطوعين عن العالم بسبب هذه الحرب ولكن جميع نداءاته هذه لم تجد آذانا صاغية.
غالبية المدن اليمنية بما في ذلك العاصمتان الشمالية والجنوبية المؤقتة والدائمة تعاني من انقطاع شبه كامل للكهرباء والماء والوقود ومعظم المواد الأساسية الغذائية والدوائية فالموانئ معطلة والمطارات مدمرة والبلاد تعيش حالة من العزلة المطلقة مع العالم الخارجي والمواطنون اليمنيون بغض النظر عن مذهبهم ممنوع عليهم الهجرة للنجاة بأرواحهم إلى دول الجوار مثلما يحدث في كل الحروب (باستثناء حرب غزة). ومن الغريب أن دول الجوار تقول إنها تخوض هذه الحرب دفاعا عنهم وحقنا لدمائهم.
***
لا نفهم لماذا لم يتم التوصل حتى الآن إلى هدنة إنسانية تمكن الجمعيات الخيرية من إيصال المساعدات إلى المواطنين اليمنيين والأطباء من معالجة الجرحى وهم بالآلاف¿ فأين قيم الرحمة والإنسانية ولماذا اختفت من قلوب المتصارعين¿
ما نسمعه هذه الأيام هو الحديث عن تدمير أهداف ومخازن أسلحة هنا وهناك ومناورات عسكرية جوية وبرية وبحرية ومشاركة طائرات هذه الدولة أو تلك في الغارات الجوية في تسابق يتحسر عليه أهل غزة وكأن صنعاء عاصمة الريخ الألمانية برلين في ذروة الحرب العالمية الثانية وعدن مدينة ليننغراد أو بطرسبرغ الروسية.
ثلاثة أسابيع اكتملت منذ بدء القصف ونفاذ بنك الأهداف ولم نشاهد أي جهد حقيقي لجمع المتحاربين إلى مائدة الحوار للتوصل إلى حل “سياسي” يضع حدا لسفك الدماء وكأن اليمنيين الذين يقتلون في هذه الحرب ليسوا بشرا ونحن هنا نتحدث عن جميعهم دون أي تفرقة بين من يقف في خندق التحالف الحوثي أو خندق الرئيس هادي وداعميه في دول الخليج فهؤلاء جميعا أهلنا وإخواننا وأبناؤنا وأخواتنا وأمهاتنا وأطفالنا.
مسلسل القتل في سورية بدأ بالعشرات ثم انتقل إلى خانة المئات والآلاف ومئات الآلاف ونتضرع إلى الله أن يتوقف عداد الموت لأبرياء اليمن عند الألف الأولى لأنه يكفي هذا الشعب العربي الأصيل المضياف الشهم الجوع والحرمان والفاقة واحتلاله مكان بارزة في قائمة الدول العشرين الأفقر في العالم وهو المحاط بـ“أشقاء” يستعصي عليهم إحصاء المئات من ملياراتهم الفائضة التي لا يعرفون ماذا يفعلون بها أو كيف ينفقونها.
أسعدنا كثيرا ما كشف عنه مصدر دبلوماسي جزائري الجمعة من أن بلاده “نقلت رسائل متبادلة بين الرياض وطهران في الأسبوعين الماضيين تتعلق جميعها بوضع حدود صارمة للنزاع المسلح في اليمن لمنع تحوله إلى حرب إقليمية أوسع?.
وقال “إن إحدى الرسائل تتضمن إجراء تم التوافق عليه لمنع الصدام بين سلاح البحرية السعودي وسفن شحن إيرانية تمر عبر مضيق باب المندب وإجراء ثان لمنع الصدام بين سلاح البحرية الإيراني ونظيره السعودي”.
نقول أسعدنا هذا الكلام لأن “الحرب الإقليمية” على أرضية الصراع في اليمن هي آخر ما ننتظر أو نتمنى لأنها ستكون كارثة أخرى على المنطقة وأبنائها تضاف إلى كوارثنا الأخرى في العراق وسورية وليبيا.
***
نعم.. احتمالات الصدام واردة فمضيق باب المندب بات يزدحم بالسفن الحربية السعودية والمصرية والإيرانية وهي سفن لم نسمع عن وجودها مطلقا في الحروب والعدوانات الإسرائيلية المتعددة وسنظل نكرر ذلك حتى اللحظة الأخيرة من حياتنا تماما مثل الطائرات الحربية التي باتت الأنظمة تتبرع بإرسالها للمشاركة في حرب اليمن في تسابق لم تشهد المنطقة له مثيلا.
التصادم وارد.. فهناك من يهدد (السعودية) بتفتيش سفن إيرانية بشبهة نقل أسلحة إلى الحوثيين وحلفائهم وأي مبالغة في هذا التفتيش أو أي &