ورطة العاصفة.. والانكسار العربي الأخير
محمد محمد إبراهيم
لقد صار لإسرائيل أن توسع مستوطناتها وأن تكابر وتبدي اعجابها بمخرجات قمة “شرم الشيخ” وقراراتها الحاسمة فقد أكدت على ضرورة إعادة النظر في العلاقات مع الكيان الصهيوني وأكدت على استمرار عاصفة الحزم التي تعتبر مرحلة أولية تليها مرحلة مهاجمة (اليمن) برا..
العرب- في نظر هذا الكيان بهذه الخطوة- أعلنوا انكسارهم الأخير بحضور فظيع من الغباء السياسي والقومي غير المعهود ولا أعتقد أن أحدا من مواطني الشعوب العربية -المشاركة أنظمتها في “عاصفة الحزم”- راضية عن نظام يقبل بأن يساند دولة في الاعتداء على شعب فقير وجار ويحتاج المساعدة وليس آلة القتل والدمار فاليوم في اليمن وغدا في مصر وبعد غد في السودان أو الكويت أو غيرها.. لقد صارت إسرائيل في غنى عن حروب الشعوب العربية..
ليس مبالغة في هذا القول: فما الذي ستقوله أمة السودان الشقيق- مثلا- حين يحتج شعبها ويتوجه البشير بطلب دولة ما بالقصف الجوي على مؤسساتها ومقدراتها بذريعة أن فئة من الشعب-تزيد عن 70% – ممن منحه الشرعية- خرجت رافضة له أو لقراراته بعد أن أساء استخدام السلطة وفشل في حماية سيادة وطنه وسمح لكل طرف سياسي سوداني بقتل الآخر وقدم استقالته – مثلا- وفر بأسرته ليقتل الشعب السوداني من الخارج..
وما الذي سيقوله السواد الأعظم من شعب مصر الكنانة للرئيس السياسي الذي أعلن تأييده واستعداده في الاعتداء على شعب فقير بطلب من رئيس فاشل قدم استقالته بعد أن انتهت شرعيته خصوصا والسيسي يعقد المحاكمات تلو المحاكمات للرئيس المعزول بتهمة التخابر مع منظمة عربية تقارع الاحتلال الصهيوني عشرات السنين فماذا كان سيعمل لو أن مرسي طلب من الجزائر أو فلسطين قصف جماهير الانقلاب على شرعيته¿!..
لقد تابع العالم العربي بأسف وحزن بليغ قمة الانكسار العربي المدوي تستمع بمنتهى السخف دعوة رئيس فشل في إدارة بلده وفشل في البقاء مع شعبه لمواجهة الحوثيين والموالين للرئيس السابق على عبدالله صالح – إن كان صادقا ويمتلك الشرعية التي تتحدث عنها قنوات الخليج- وهو من أجاز وشرعن كل المعارك والحروب والاتفاقيات والحوارات الشكلية على حساب جوع الشعب اليمني وانتظاره للخروج من نفق العسúر إلى سعة العيش الكريم.. فمن سمح بنقل جحيم الحرب من دماج إلى عمران ومنها إلى صنعاء ثم من العاصمة السياسية إلى عدن فهو الآن نقلها إلى الرياض وورط النظام السعودي في دماء اليمنيين من كل محافظات اليمن..
أما الحوثيون فليسوا سوى مجرد مكون سياسي يمني لم يكن جميع اليمنيين معهم لكن عدوان العاصفة بهذه الهمجية كفيل بتوحيد كل اليمنيين وإن رضخت بعض الأطراف السياسية اليمنية لمبررات واهية فنار الخارج ستطال هذه الأطراف بمجرد انتقاد بسيط حين يطال العدوان مصالحها وسيكون الرد عليها من قبل حلف العدوان بــ:” من ليس فيه خير لأهله ووطنه فليس فيه خير لغير أهله”..
كما أن إيران ليست في اليمن والصراع يمني يمني شأن داخلي فقد كان الأحرى بعاصفة الحزم أن تتوجه لاستعادة جزر الإمارات الثلاث ولن تتأخر اليمن عن المشاركة في هذه العاصفة فقد شاركت في حرب الخليج ضد إيران بقيادة الزعيم صدام حسين الذي كان عدوانه على الكويت الشقيق بداية نهايته ومن أعطاه الضوء الأخضر إلى هذه الورطة استخدمها ورقة سياسية قذرة لم تدع مجال لأي نظام أو شعب عربي في الدفاع عنه والوقوف إلى جانبه..
خلاصة القول: إن عاصفة الحزم لن تنقذ الفقراء والمعسرين من أبناء الشعب اليمني ولن تدحر إيران فحلبة مواجهة إيران ليست اليمن ولن تزرع إلا بذور الشقاق العربي العربي.. وليست سوى حرب خاسرة (في حسابات القومية العربية وفي سجل التاريخ الإسلامي) المنتصر فيها مهزوم ما عدا اليمن فموته وحياته نصر لأنه معتدى عليه..