القرار الترضية

لم يكن هذا القرار الذي مررته أرفع مؤسسة أممية مفاجأة للشعب اليمني الذي دخل وطنه اليوم الثالث والعشرين وهو تحت القصف العدواني لما يسمى التحالف الذي تقوده السعودية وهو صامد ومحتسب يرفض الانكسار أو التسليم لفراعنة اليوم يدفن ضحايا عدوانهم كل يوم من الأطفال والنساء والشباب والمسنين في جميع محافظات اليمن وكله ثقة وإيمان بالله في قضيته العادلة.
القرار الأخير من مجلس الأمن لم يكن مستغربا من أبناء اليمن الذين اعتبروا بنود هذا القرار بمجملها ترضية مدفوعة القيمة من (قارون آل سعود) الذي غرته أمواله ونسي ربه وأنه سيقف بين يديه مجددا من هيلمانه الذي سخره للبغي على جيرانه.
لن نقول إن اليمنيين لم يراهنوا ولو بشكل بسيط على صمود القيم الإنسانية أمام بريق الأموال الخليجية من قبل بعض أعضاء مجلس الأمن الذين أغلبهم ممثلين لما يسمونها بدول متقدمة وحضارية تعمل على رفاة وتطور البلدان المتعثرة التي تؤطر في خانة  العالم الثالث خاصة وهم يدركون تماما أن حرب التحالف وعدوانهم على اليمن ظالمة ولا مبرر لها ولا شرعية.
كان سقف المشروع الخليجي عاليا جدا في صيغته الأولى وبعد المراجعات مع أعضاء مجلس الأمن وبالأخص منهم الدول الكبرى التي تتمتع بحق النقض (الفيتو) تم تلطيفه قليلا كي يجنب أنظمة الدول التي ستصوت عليه نقمة شعوبها وانتقادات ناشطيها الحقوقيين ولكنه حتى بصيغته التي صدر بها يمثل إدانة ونقطة سوداء في سجل هذه الدول التي تزعم أنها ديمقراطية وراعية وحامية لحقوق الإنسان وحامية للتشريعات والقوانين الدولية.
أما بالنسبة للمهتمين والمتابعين لما يدور على الأرض اليمنية وما يتعرض له شعب يرزح تحت وطأة مستوى معيشي متدن مكن جيرانه الخليجيين من التلاعب بقراره وسيادته وسلمه المجتمعي على مدى عقود, عملوا فيها وبالأخص جارته (السعودية) على إضعافه وإبقائه تحت الوصاية والتبعية فإنهم لم يتفاجأوا أو يستغربوا خاصة أنه سبق اجتماع التصويت توقيع عقود وصفقات بين النظام السعودي المعتدي وبين مسؤولي أهم هذه الدول بمليارات الدولارات .. معتبرين هذه الصفقات المشبوهة في هذا التوقيت عبارة عن صفقات مخزية في حق دول كبيرة لم تكن بحاجة أو مضطرة لبيع مواقفها وقرارها ترضية لمن هو ثابت جرمه واعتداؤه وإخلاله بكل المواثيق الدولية¿.
بالنسبة لدول العدوان فإننا نفهم حاجتها لمثل هذا القرار من الناحية القانونية بعد أن أدركت أنها قد تورطت في عدوانها على اليمن ,ولذا فهي مستعدة لدفع ثمن مثل هذا القرار أيا كانت الكلفة كي تتجنب الملاحقات القانونية وكي تجمع بجانبها أكبر قدر من الشركاء في هذه الجريمة.
هذا القرار الظالم ستكون له تداعيات سلبية قريبة وبعيدة كونه يمثل سابقة أصابت أهم المؤسسات الدولية في الصميم من حيث أن قرارات الأمم المتحدة ممثلة بمجلس أمنها دخل بشكل واضح وجلي كسلعة لها ثمن ومن يستطيع دفع هذا الثمن سيحصل على مبتغاه.
أما عن ما سيحققه هذا القرار للسعودية وحلفائها على الواقع فإن أثره يكاد يكون صفرا ودون الغوص في مسوغات هذا الاستنتاج يكفي أن نعرف أن المجتمع الدولي الذي تغاضى عن ما يتعرض له شعب اليمن من الجرائم التي ترسلها طائراته بحق أبناء اليمن وبناه التحتية لم يعد له وجود في حسابات المواطن اليمني الذي رفع وفوض أمره إلى الله وعقد العزم على الانتصار لنفسه ولكل ضحايا هذا العدوان الغاشم مستفيدا من ذلك معرفته الأكيدة بمن هو صديق ومن هو عدو وسيزداد تشبثا بأرضه ورهانه على المعركة على الأرض والصمود هو خياره الوحيد بعد سقوط الأقنعة هو التمسك بإبائه وبجسارة أبنائه وبما يتوفر لديهم من سلاح.
المهم في الأمر كله بعد أن أغلقت الخيارات الأسهل فإن الجميع سيجدون أنفسهم في ورطة كانوا هم في غنى عنها سواء المعتدين أو من يغضون الطرف أو يساعدون عليه.
والأهم هو موضوع الحصار المفروض على الشعب اليمني الذي يجب وبصورة ملحة فكه ووقف تداعياته.

قد يعجبك ايضا