قرار مجلس الأمن لإحراق اليمن أم لإغراق السعودية ¿¿¿
جمال العفلق
لم تتوقف الاجتماعات والتصريحات للدبلوماسيين الغربيين والعرب منذ بداية العدوان على اليمن بحجة إعادة الشرعية وكان تأخر إصدار القرار حسب التصريحات العربية بسبب تخوف المجموعة العربية من فيتو روسي ينسف القرار الذي سعت إليه السعودية من أجل تشريع حملتها العسكرية على اليمن . ولكن القرار صدر بامتناع روسي عن التصويت ورغم كل التفسيرات والتحليلات للقرار فهناك من اعتبر أن المجموعة العربية انتصرت دبلوماسيا وحصلت على القرار وآخرون اعتبروا أن القرار لا يعني شيئا على الواقع ما عدا أن اليمن اليوم أصبح بحكم الفصل السابع أرضا تتلقى الصواريخ والقنابل بحجة تطبيق الشرعية الدولية عليه اما من ناحية العمل الميداني فالتقدم الشعبي مازال مستمرا والضربات الجوية تسبب دمارا للبنية التحتية ولكنها حتى اليوم وبعد مضي عشرين يوما عليها لم تحقق الهدف المعلن منها . ولكن امتناع روسيا عن التصويت يدفع آثار حفيظة اليمنيين وكذلك المعارضين للعمليات العسكرية هذا الامتناع الذي قد يكون خلفه الكثير من الأوراق منها ما يمكن أن يكون اقتصاديا غير معلن استطاعت السعودية أن تقدمه لروسيا كي تمرر القرار ومنه ما يمكن أن يكون سياسي خاص بموسكو التي تعيش حالة صدام منذ خمس سنوات بسبب الحرب على سوريا وقضية أوكرانيا والتعاون العسكري مع إيران . ولكن الروس يعلمون تماما, وضع اليمن ويعلمون وجود تنظيم القاعدة فيه وما يمكن أن يحدث إذا ما قويت شوكة تنظيم القاعدة خلال هذه الحرب كما يعلم الغرب هذا تماما فلماذا مررت روسيا القرار ولماذا يسمح الغرب للسعودية بعمليات عسكرية ستفضي بالنهاية إلى تقوية تنظيم القاعدة على حساب الحوثيين إذا ما حققت الغارات الجوية أهدافها .¿¿
من الواضح هناك شيء مخف يتجاوز المصالح الاقتصادية والتناحر السياسي ولكنه بالتأكيد سينتج عنه نتائج قد تغير وجه المنطقة وتبدل مراكز القوى .. فإذا كان الهدف من هذا القرار إحراق اليمن فالأمر محسوم وعدد الغارات التي تجاوزت الألف وخمسمائة غارة كانت كفيله بتدمير كل البنية التحتية لليمن كما أنها دمرت المدارس والبيوت وعطلت الحياة في بلد بالأصل يعاني من تعطل الحياة فيه .
أما الجانب الثاني وهو أن الروس يملكون كما الإيرانيين معلومات تضمن نصر الحوثيين على التحالف فالقاعدة العسكرية لا تعترف بالنصر من الجو وبالغارات الجوية مادام على الأرض مقاومة ومادام الواقع الميداني هو لصالح الحوثيين فبنك الأهداف انتهى وقد يتم تجديده لشهر آخر ولكن فيما بعد ستتحول هذه الغارات إلى سكين على أصحابها وبالتأكيد سوف تخسر السعودية المؤيدين لها في اليمن لأنها بالنهاية تطال أنصار الرئيس عبدربه منصور وتطال القاعدة والقبائل التي تؤديها ولا يمكن أن تدعي السعودية النصر إلا إذا حققت شيئا ملموسا على الأرض وهذا على ما يبدو مستبعد وغير قابل للتطبيق وسيكون أمام السعودية حلان إما الدخول البري أو دعم فريقها اليمني على الأرض لمحاربة الحوثيين, والثانية مشكوك فيها لأنها إذا ما فعلت ذلك فهي بهذا سوف توجد دولة القاعدة على حدودها حيث إمكانية ارتداد هذه الجماعة على السعودية ممكن عندما تحين الفرصة .. وبهذا يكون القرار الذي حمل في شكله إدانة للحوثيين تحديدا ووضع اليمن تحت الفصل السابع هو قرار لإغراق السعودية بحرب إذا ما وجد الحل السياسي ستكون طويلة جدا” ولا يحتاج الحوثيون الدخول إلى الأراضي السعودية ولكن يكفيهم المحافظة على نقاط حدود اليمن الحالية وهذا بحد ذاته نصر لهم أما ما قيل عن حظر السلاح فآخر الإحصاءات تقول أن اليمن لدية ثمانين مليون قطعة سلاح وهذا رقم ليس بالبسيط ولا من السهل إنكاره أو تجاهله والطبيعة القبلية لليمن سوف توجد تحالفات ومتغيرات كثيرة لكل الأطراف وهو ما سيدفع بالجميع واقصد هنا التحالف للسعي خلف وسيط يخرجهم من هذه الحرب والعنوان انتصار التحالف ووقف العمليات العسكرية ولكنه بالتأكيد لن يعيد رجل السعودية عبدربه منصور الى الحكم ولن يمنع الحوثيين من تحقيق بعض شروطهم في اليمن . وسوف يجبر مشعلي الحرب على وقف تمويل العصابات الإرهابية في العراق وسوريا .
ويبقى أن نشكر مجلس الأمن الدولي الذي طالما حارب العرب وكانت قراراته تقتل الشعوب العربية وخصوصا الفيتو الأميركي واليوم لا فيتو على مشاريع ومطالب العرب لأنها مشاريع تقتل العرب أنفسهم وتزيد الانقسام بينهم وما يحدث اليوم في اليمن وسوريا والعراق وليبيا هو مشروع تدمير للإنسان العربي وسوف يكشف المستقبل أن الذين دمروا ما تبقى من العروبة هم العرب أنفسهم كما ستكشف الأرقام حجم المال الذي دفعه العرب لإحراق بيوتهم .في وقت تطرح فيه المشاريع الاقتصادية الكبرى ولكنها وهمية لإلهاء الشعوب بمستقبل لا يمكن أن يكون مشرقا والقرار مرهون بيد الخارج الباحث عن مصالحه.
كاتب عربي
نقلا عن المنار