حمية العرب..!!

رامز الحيلوني *

حشد عربي يتزعمه سلاح الجو الملكي السعودي تؤازره طائرات الدول العربية الشقيقة تلك الدول التي تناسى ساستها خلافاتهم إلا أنهم اتفقوا لا بل قاموا بالعدوان على بلد عربي بوصلة العدوان تمت معايرتها على أيدي صناع القرار في الدوائر الصهيوأمريكية ليتثنى لها تحقيق الهدف بدقة صوبت طائرات التحالف العربي صواريخها وحممها على أهل اليمن السبب يعود إلى أن اليمنيين قد أعلنوا بقرار وطني صرف إقصاء أتباع آل سعود من على صدورهم عندئذ أدرك تابعهم المتربع على سدة الرئاسة أن قرار إزاحته هو قرار شعبي لا رجعة عنه مما أضطره ليعلن استقالته سرعان ما جاءته الأوامر بسحب استقالته قابله الشعب اليمني بإعلان الحوار الوطني أدركت مشيخات الخليج ضرورة وأد هذا الحراك الشعبي خشية انتقال هذه الحالة بالعدوى إلى بلدانهم التي أذلوا أهلها أعلن آل سعود تشكيل قوة عسكرية تحت ذريعة دعم الشرعية من دون صدور قرار أممي تحت الفصل السابع ـ هل لقارئ مبتدئ بالسياسة تصديق أن آل سعود يجرؤون على ذلك دون موافقة أسيادهم ? هل يمتلكون أساسا لقرارهم ? لو افترضنا ذلك أين حميتهم عند العدوان الصهيوني على غزة – الأمور أبعد من ذلك بكثير هنالك متغيرات عالمية على مستوى التوازنات الدولية لقد باتت إيران قوة إقليمية اعترف لها الغرب مؤخرا بحق استخدام الطاقة النووية بالتأكيد لهذا الاعتراف دلالات عديدة من أهمها فشل الغرب في منع إيران من المضي بمشروعها النووي على الرغم من الحصار الذي فرضه الغرب عليها لا بل قامت إيران بتطوير ترسانتها العسكرية في ظل تلك الظروف الضاغطة مما أرغم الغرب على توقيع اتفاق مبدئي معها كما كان لهذا الاتفاق من مفاعيل سلبية على الكيان الصهيوني الذي حاول ساسته منع التوصل إليه إلا أن الغرب تعامل مع هذا الملف بواقعية إذ قبل قادته بالأمر الواقع هذا لم يكن نتيجة لعقلانية السياسة الغربية إنما جاء نتيجة تعاظم القوة الإيرانية التي أصبح يحسب لها حساب كما أنه لا يوجد لديهم خيار بديل عن الاتفاق سوى الخيار العسكري و فاتورة المواجهة العسكرية ستكون باهظة على الغرب على كافة المستويات سواء اقتصاديا أم سياسيا أم عسكريا لأن إيران باتت تمتلك أسباب القوة الكفيلة بضرب مصالح الغرب في الخليج العربي في حال نشوب مواجهة عسكرية ثم جاء الحراك اليمني ليشكل صفعة جديدة للغرب كونه شكل خرقا للسياسات المرسومة للمنطقة إذ أن تغير الموقع الجيوسياسي لليمن سيؤدي إلى تغير في الموقع الجيواستراتيجي له بحكم موقعه الجغرافي مع البحار والمضايق أو مع مصادر الطاقة هذا ما دعا الغرب للإيعاز لأدواته في المنطقة للانقضاض على الشعب اليمني في خضم هذه الأحداث طالب الرئيس الأمريكي باراك أوباما دول الخليج العربي خلال لقاء أجراه معه الكاتب الأمريكي توماس فريدمان قائلا أن الخطر الأكبر الذي يتهدد دول الخليج ليس من إيران بل من سخط الشباب داخل بلدانهم بسبب تفشي ظاهرة البطالة مما ساهم بنشر الايديولوجيا المدمرة فطالب حكومات تلك الدول بضرورة إجراء تغييرات بسياساتها الداخلية كما تحدث الرئيس الأميركي على ضرورة الفصل ما بين هذا السخط عن النشاط الإرهابي الفعلي . إن الانتقادات الأمريكية للسياسات الداخلية لدول حليفة إنما له دلالات على محاولة الأمريكان التغطية على اتفاقهم المبدئي مع إيران فيما يتعلق بالملف النووي كما أن له دلالة على استعداد الأمريكان التخلي عن قيادات بعض بلدان الخليج خاصة في حال فشل آل سعود بإعادة السيطرة على اليمن – سبق وتخلا الأمريكان عن أمير قطر عند انتهاء دوره – وقد تعهد الرئيس الأمريكي بالاستعداد لمساعدة حلفائه في دول الخليج من خلال تعزيز قدراتهم العسكرية وضمان عدم تعرضهم لغزو خارجي إلا أن عليهم بالمقابل التعبير عن إرادة أكبر للمشاركة بقوات على الأرض في المشاكل الإقليمية . هذا التحريض يهدف منه الرئيس الأمريكي توريط السعودية بالتدخل بريا في اليمن حتى تكون قوة التحالف العربي بقيادة السعودية أداة يستخدمها الغرب لتنفيذ مخططاته عبر نشوب مزيد من النزاعات العربية العربية . كما أن هذا الخطاب يهدف منه الرئيس الأمريكي حض دول الخليج على شراء المزيد من الأسلحة تحت ذريعة وجود الخطر الإيراني. كل ما يحدث في المنطقة العربية إنما يصب في مصلحة الكيان الصهيوني ما يؤكد ذلك قول الرئيس الأمريكي إن أي إضعاف لإسرائيل خلال عهده أو بسببه سيشكل فشلا جذريا لرئاسته كما أن مسؤوليته تجاه إسرائيل هي مسؤولية أخلاقية .
في الختام أن رهاننا يبقى على الشعب العربي . وأهل اليمن كما عهدناهم عند تصديهم للاحتلال العثماني حيث كان اليمن مقبرة الأناضول فبقي عصيا على السلطنة العثمانية البائدة كما كان عصيا على المستعمر الانكليزي وسيبقى عصيا على الغزاة الجدد ولو كانوا بلبوس عربي .
* نقلا عن المنار

قد يعجبك ايضا