السعودية والقاعدة في اليمن.. ما كل مرة تسلم الجرة!
تقول الباحثة سارة فيليبس من مركز دراسات الأمن الدولي في سيدني ان السعودية عملت على زرع عملاء لها في شمال وجنوب اليمن… وقد أوصى عبد العزيز آل سعود أبناءه بإضعاف اليمن بأي وسيلة.
هذه الكلمات تختصر سياسة آل سعود في اليمن لعقود منذ قيام المملكة السعودية في ثلاثينيات القرن العشرين لأن عبد العزيز آل سعود اعتمد في بسط سلطته على عاملي القبيلة والدين فمن لم يستطع شراء ذمته من رؤساء القبائل وجه نحوه قطعان الوهابية تحت مسمى نشر التوحيد ومحاربة البدع.. ولأن اليمن استعصت عليه في كثير من مواقعها خاصة المناطق ذات الاغلبية الزيدية والشافعية فقد اكتفى النظام السعودي بسياسة شراء الذمم ودعم رؤساء بعض القبائل الى جانب التبشير الوهابي الذي تحقق في اعتى صوره بدار الحديث التي أنشأها الشيخ الوهابي المتطرف مقبل بن هادي الوادعي والذي ذهب الى حد القول بهدم القبة الخضراء المشرفة على قبر النبي (ص) على بعد كيلومترات من صعدة! وجامعة الايمان التي أنشأها السلفي الإخواني ورئيس شورى حزب التجمع اليمني للإصلاح عبدالمجيد الزنداني أحد العرب الأفغان في ثمانينيات القرن الماضي.
والهدف السعودي من وراء ذلك هو:
1. منع أية وحدة يمنية حقيقية تنتهي إلى قوة اليمن الذي يشكل ثقلا بشريا وجغرافيا واستراتيجيا ومذهبيا في جزيرة العرب لذلك يأتي نقل العاصمة من قبل الرئيس الهارب عبدربه منصور هادي الى عدن وانتقال السفارة السعودية اليها مباشرة بمجرد ان سيطرت القوى الثورية المناهضة للتبعية والوصاية الأجنبية على العاصمة صنعاء خطوة سعودية اعتبرها المراقبون دعوة الى تقسيم اليمن.
2. تفتيت اليمن الى إمارات متنازعة ضمن سياستها في تفتيت كل بلدان شبه الجزيرة العربية واعادة صياغة علاقاتها مع الرياض لتبقى هي القوة الوحيدة في شبه الجزيرة العربية وتبقى البلدان الأخرى حديقتها الخلفية.
3. ابعاد أية قوة اقليمية أو دولية منافسة عن ال?من الذي يمتلك موقعا استراتيجيا على صعيد الجيوس?اس?ة الدول?ة فهو يشرف على مضيق باب المندب من خلال ضفته الشرق?ة والجزر الموجودة في مدخله من الجهت?ن.
اضافة الى جزره في البحر الاحمر وسواحله الممتدة على بحر العرب.. لذلك حاربت السعودية الجمهورية اليمنية (في الشمال) واليمن الديمقراطية (في الجنوب) لأن الاولى كانت على علاقة بمصر في الحقبة الناصرية والثانية كانت على علاقة بالاتحاد السوفيتي والمعسكر الاشتراكي.
4. اشغال اليمن عن التفكير باستعادة مناطق عسير وجازان ونجران المحتلة من قبل السعودية من عشرات السنين بكل ما تملكه هذه المناطق من مواقع استراتيجية وثروات وسواحل مطلة على البحر الأحمر وجزر فيه.
أما الحديث عن خطأ السياسة السعودية في اليمن وعدم اعتمادها سياسة التنمية والنهوض الاقتصادي فيه فأنه كلام بعيد عن الواقع السعودي نفسه لأن فاقد الشيء لا يعطيه وينم عن عدم معرفة بالأوضاع العامة في المملكة السعودية لأنه لا يمكن اختصار 2149690 كيلو مترا مربعا بأربعة مدن هي مكة والمدينة والرياض وجدة في حين تفتقر حتى هذه المدن للبنى التحتية وقد فضحت سيول جدة هشاشة وضعف البنى التحتية في ثاني أهم مدينة سياسية بالبلاد.
أما الخطوات التي اعتمدتها السعودية للإبقاء على الجار الجنوبي ضعيفا هشا ممزقا يمكن تحويله إلى دولة فاشلة في أية لحظة ـ حسب تصورها ـ:
1. نشر الفكر الوهابي وتأجيج الصراع الطائفي في بلد تتنوع فيه المذاهب والأفكار ( زيدية وشافعية وحنفية وإباضية وصوفية واثنا عشرية واسماعيلية وحنابلة وعلمانيين قوميين وآخرين يساريين وغيرهما ليبراليين و… الخ) وما تبع ذلك من تدمير للتراث الزيدي والمعالم الصوفية كخطة ممنهجة لتدمير هوية البلاد وثقافتها.
2. شراء ذمم قيادات عسكرية وزعامات قبلية ودينية تعميقا لنظام أوليغارشي واستئثار بالسلطة والمال والوجاهة من قبل الزعامات والنخب وقد شكلت لهذا الأمر ما عرف بـ”اللجنة الخاصة” منذ بداية ستينيات القرن الماضي وصرفت اموال طائلة عليها بلغت سنويا حسب أحد التقارير مليار ونصف المليار دولار سنويا وشملت آلاف الاشخاص في مقدمتهم عبدالله بن حسين الأحمر وأسرته.
3. استقدام أكبر عدد من العمالة اليمنية لهدفين: الأول الاعتماد عليها في العديد من القطاعات الاقتصادية وحتى في القوات المسلحة! والثاني للضغط من خلالها على الواقع الاقتصادي اليمني حيث أن هؤلاء يحولون سنويا ما يقرب من ملياري دولار الى اليمن.. وكما حصل قبل اكثر من عام عند بداية الصراع بين الرئيس الهارب هادي والقوى الثورية فقد جرى اخراج آلاف اليمنيين من السعودية بحجة الإقامة غير الشرعية وكان الهدف من ذلك تأجيج الشارع اليمني ضد القوى الثورية.
4. توجيه العديد من قيادات القاعدة وعناصرها نحو اليمن لإفراغ السعودية من عناصرها المتطرفة ومن ثم الهاء اليمن بها وفتح باب التدخل الأميركي المباشر بشؤونه بأمل ان يحدث