اليمن: الحرب والمخارج المنتظرة
محمد الشحري
لو كانت لدى ملك السعودية بطانة صالحة لنصحوه بعدم التدخل العسكري في اليمن لتجنب المصيدة التي تحاك للمملكة من قبل أطراف إقليمية هي إيران وسوريا وروسيا والدول المصدرة للنفط لأن السعودية بتدخلها في اليمن دون الرجوع للشرعية الدولية يشرع التدخل الإيراني في العراق وسوريا ولبنان كما ستغلق الضربات الجوية السعودية والتحالف الذي أسسته الأصوات الداعية لخروج روسيا من شبه القرم هذا بالاضافة إلى أن الهجوم السعودي على اليمن يمنح البرأة للتدخل العسكري الإيراني في العراق وسيكون دخول حزب الله الحرب الدائرة منذ أربع سنوات في سوريا إلى جانب الجيش السوري بمثابة الدفاع عن النفس إذ تعتبر سوريا هي الحليف الأبرز لحزب الله بعد إيران في المنطقة هذا بالنسبة لمصالح سوريا وايران وروسيا وحزب الله من التدخل السعودي.
أما فيما يتعلق بالدول المصدرة للنفط فإن تكلفة الحرب التي قامت بها السعودية سيرفع من سعر برميل النفط بعد أن ساهمت الرياض في هبوطه المفاجئ لضغط على الاقتصاد الإيراني والروسي والفنزويلي والجزائر والحصول على مكاسب سياسية من خلال الآلية التي نجحت فيها المملكة لكنها لم تعتمد سياسة إطالة النفس حيث استفزها استيلاء الحوثيين على صنعاء وتمددهم نحو الجنوب وهذا ربما مخطط أعدته إيران لإخراج السعودية عن طورها وإدخالها في مستنقع خرج منه الجيش المصري في ستينيات القرن المنصرم في توابيت بل أن قبور البعض منهم لاتزال هناك وكانت المملكة شريكة في هزيمة الجيش المصري بدعهما لجيش الإمامة ضد الجمهوريين.
نخشى أن تدفع السعودية ثمنا باهظا في المستقبل لهذه المغامرة المحفوفة بمخاطر أبرزها تدمير الجيش اليمني والقضاء عليه وتعطيل مؤسساته وبناه الأساسية من مطارات وقواعد ومخازن للأسلحة مما يعني تمكين تنظيم القاعدة وربما داعش من السيطرة على الأراضي اليمنية وتهديد جيران اليمن وربما نقل العنف إليها والاعتداء على أراضيها.
وهذا الخطاء الاستراتيجي يعيد إلى الأذهان مساهمة الجامعة العربية في حصار العراق وتجويع أطفاله لمدة 13سنة والسماح بعد ذلك للولايات المتحدة بتدمير العراق وتفكيك جيشه ومن ثم تسليمه إلى إيران التي لم تطلق رصاصة واحدة في السيطرة على بغداد وهو الأمر الذي تكرر مرة أخرى في ليبيا بعد القضاء على الجيش الليبي وسيطرة التنظيمات الارهابية على مخازن الأسلحة التي ضرب بها الجيش المصري والتونسي والجزائري كما انتقلت تلك الأسلحة إلى الداخل السوري عبر مؤانئ لبنان وتركيا.
لقائل أن يقول أن السعودية تدخلت لحماية مصالحها الجيوسياسية في المنطقة ونحن معها في ذلك لكن ماذا قدمت الرياض لحلفائها سواء فتاوي التكفير والتحريم والانصياع لولي الأمر إن كان من الأسر الحاكمة ولحوم الأضاحي التي تركها الحجاج خلفهم.
نكتب قولنا هذا ونحن لسنا مع الحوثيين أو الرئيس المخلوع عبدالله صالح لكننا بالتأكيد نقف مع الشعب اليمني الأعزل الذي انتظر أكثر من أربعين عاما أن يمد له الأشقاء الخليجيين يد العون للنهوض به من الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية السيئة التي تغرق فيها البلاد السعيدة أو هكذا كانت تسمى لأن اليمن بخزانه البشري الهائل يمكن أن يكون عامل مساعد لدول الخليج في التغلب على الفجوة الديموغرافية التي تهدد معظم الدول الخليجية حيث لا يزيد عدد سكانها الأصليين عن 10% من مجموع عدد السكان هذا بالإضافة إلى أن استقرار اليمن وازدهاره يصب لمصلحة الأمن الخليجي
*موقع رأي اليوم