لعبة الحرب
نبيل نعمان
* لعبة .. كلمة تستبق الكثير من الجوانب الحياتية تجدها في السياسة كما في الحرب لتجعلها مجرد لعب لكنه لعب يتحكم في مصائر البشر ومميتة في كثير من الاحيان ويحاول اللاعبون أو المتلاعبون تصويرها كأنها للتسلية فحسب وليس لها عواقب انسانية وخيمة .
لعبة الحرب باتت في الآونة الاخيرة محمولة على شاشات الهواتف الذكية كما هي على أرض الواقع في بلاد السعيدة وعدد من بلدان لغة الضاد حتى أصبح لا يمكن التفريق بين لعبة الحرب على الشاشة وساحات الوطن العربي غير ان هذه الاخيرة يدفع ثمنها دما ودموعا وفقدانا للسيادة وتقويضا لحاضر ومستقبل الاجيال .
التحالفات تنسج على الواقع الافتراضي والحياة المعاشة والتدمير يطال الواقعين ويكون اليد الطولى للاقوى أو من يملك من أدوات الحرب ما يكفى لتدمير الخصم ولا يبالي في الذهاب الى ما يريد وما تدفعه نوازعه وتحالفاته في ضرب دول وقارات وإخضاعها لإرادة القوة حتى أن لعبة الحرب على الشاشة باتت تحمل أعلام الدول وتحاكي الواقع من حيث قوتها وقدراتها العسكرية .
وكما تعمل الحرب على الواقع في تعظيم الاحقاد والضغائن بين أبناء البلد الواحد وبين الدول وتغليب القوة والسلاح على حساب السلام والعلاقات الانسانية السوية يرسخ اللعب على الشاشة طبيعية الواقع ويشكل ذهنية الاطفال والمراهقين ويهيؤهم لتقبل واقعهم المضرج بالدماء والدمار والتعامل معه وكأنه مجرد تسلية لا تختلف عن الواقع الافتراضي الذي يتعامل معه ليغدو الحقيقي والافتراضي شيئا واحدا .
في لعبة الحرب الافتراضية والحرب الحقيقية تتقاطع العبثية في التعبير عن المهام والاهداف من خلال مراكمة القوة العسكرية من وحدات وسلاح ووسائل مساعدة وبنى تحتية والتدرج في المستوى والقدرة والقوة لتتلاقى في الهدف الاكبر وهو السيطرة والاستحواذ والتدمير والاحتلال للأخر عبر تحالفات تفتقر لقضية تستحق كل هذا دون اعتبار لمشاعر وحياة الناس وكانها لعبة تديرها اصبع اليد في حالة استرخاء لقتل الوقت والتسلية .
ويبدو ان كل ما له علاقة بتحديد مصائر الناس والشعوب إذلالا وإفقارا وتتويها وتدميرا للأرض والانسان سيظل مجرد لعبة فيما الجوانب المضيئة والخلاقة في البشر تتوارى وتتلاشى في العقل والممارسة ولن يكون لها مكان في الحياة واللعب معا من قبيل لعبة السلام لتكريسها واقعا افتراضيا لتكون بمثابة حصن لما تبقى من عقل وقلب في عالم اليوم .