الأوهام والعدوان

يعبر بعض الساسة اليمنيين عن أوهامه بالخلاص من الخصوم بفعل العدوان السعودي المجرم على اليمن, الأرض والإنسان, وكثيرا ما يكشف هؤلاء عن هذه الأوهام بالقول والكتابة, معتبرين أن العدوان السعودي سيخلصهم من الحوثيين وعفاش.
ليت الأمر في العدوان السعودي بهذا اليسر, إذ لكان الخلاص من الخصم أو من العدو الداخلي إذا جاز لي القول, محمودا بالنسبة لمن يرونه كذلك, ولكن كل معطيات العدوان من مقدماته البعيدة إلى عواقبه القريبة, تكشف وبكل وضوح ظاهرا في أدواته قبل أهدافه, أن اليمن كل اليمن, مستهدف بهذا العدوان في حاضره ومستقبله, وفي وجوده والمصير.
دعوني أولا أذكر هؤلاء بما شاهدوه في أيام حياتهم على الأرض بكل من العراق وليبيا ولنرى ما حل بالقطرين بعد خلاص الساسة هناك من نظام حكم صدام حسين ومعمر القذافي, فمن المؤكد بالمعلوم والمجهول من مجريات الأمور في القطرين أن الساسة الذين خلصهم الأطلسي وجحافل جيوشه من خصومهم قد نعموا ببعض السلطة والثروة, لكنه النعيم الذي عاشوه فوق أطلال العراق وخرائب ليبيا, وجحيم القتلى والمشردين في القطرين.
نذكر بهذا لنقول على ضوئه وبمعطيات الواقع المتحرك به, إن العدوان السعودي وهو جزء أصيل من العدوان المستمر على الأمة العربية’ قد يربح مؤيدوه في اليمن من إزعاج خصومهم, لكنها الراحة التي يبدو واضحا من الآن أنها ستكون على أطلال يمن كان مهدا للعرب وسعيدا بحضارة الأجداد.
وأول مؤشرات الدلالة على ما نقول هو ما يجري الآن بهذا العدوان من استكمال الحلقات البنائية لكل مقومات تحويلنا إلى عصابات متقاتلة وجماعات متناحرة, وإمارات متحاربة بأمراء الخراب والدمار, ولا يظهر هذا فقط في نوايا العدوان, بل وفيما نقدم من تمهيد له أعاق كل متاحات الحل السلمي للأزمة الوطنية ثم تلاعب بها ليصل بها إلى ما هي عليه الآن من عدوان آثم يستكمل ما أراده لليمن من خراب ودمار.
وقد لا تكفي الوجوه التي عرفناها عناوين جاثمة على صدورنا خلال عقود طوال, وأسماء معروفة للتخلف والافساد, أقول قد لا تكفي هذه الوجوه دليلا على أن العدوان السعودي لن يخلص مؤيديه من الخصوم بل سيضعهم مع كل اليمن فوق جحيم مشتعل بالخراب والدمار, ولذا سنسألهم من باب التكرار الممل للحقائق عن الدم المفسوك والقوة المدمرة والخراب المتزايد, كيف لهذا كله أن ينقلهم إلى ما يتوهمون من ملك وسلام.
ولعله من باب التأكيد على صدق تشبيهنا”ولكنه ضحك كالبكاء”, أن نقول لهؤلاء تحرروا من وهم الانتصار على شعب ووطن لتروا الحقيقة بعيون أعماها الحقد وبصيرة طمستها أطماعكم بالمال والأوهام, وطنا دفعته أحقادكم إلى مواقع الهلاك والدمار, واعلموا علم اليقين وما قبل اليقين وبعده من أوهام أن اليمن وحده من سيخرج من تحت أنقاض العدوان بهيا بتليد أمجاده وقادم وعده بالحياة التي لن تباد ولن تهان.

albadeel.c@gmail.com

قد يعجبك ايضا