محو الزمان المزيف

من مفارقات القدر أن يتحدث البعض عن تحالفات عربية ومشاريع إنشاء جيش عربي موحد وفي نفس الوقت يمارسون العدوان والتفتيت والفرز للكيانات الوطنية العربية.
إنها النكبة الكبرى بعينها حين نسمع عن عمل بعض الأنظمة العربية إعلاميا على التقريب بين الشعوب العربية وهم في نفس الوقت ينمطون هذه الشعوب مذهبيا ويمولون المجاميع التكفيرية ويرسلونها لتدمير السلم الأهلي والنسيج الاجتماعي المتناغم في عدد من بلدان هذه الأمة المنكوبة بزهايمر وتعالي بعض حكامها.
من المفارقات الموجعة أيضا أن يندد ويحذر الاتحاد الأوروبي من كوارث العدوان على اليمن الذي تستهدف منشآته الحيوية ومقدراته الوطنية ومواطنيه الآمنين ويدعو إلى اتخاذ تدابير احترازية لتجنب كارثة إنسانية قد تحل بالشعب اليمني.
من المفارقات ايضا أن تخرج مسيرات واحتجاجات  وإن كانت بسيطة في العديد من بلدان العالم غير العربي وغير الإسلامي تطالب بوقف العدوان فيما أن بعض أبناء اليمن يطبل ويهلل لهذا العدوان الذي يستبيح كل شيء دون تفريق أو تمييز.
من الجنون والتعالي على الآخرين وتحقير قدرتهم على التمييز أن يبرر لهذا العدوان والتدمير والقتل على انه لمحاربة المخاطر التي تهدد الأمة العربية ومحاربة التوسع الايراني والقاعدة والدواعش فيما القتل والتدمير يقع على الشعب اليمني.. كل هذه المتناقضات جمعت في سلة واحدة بصورة لم تخطر على ذهن ابليس نفسه¿! قيمة الاستهانة بالعقل العربي حين يروج لشعار يقول أن هذا العدوان وكل هذا القتل والتدمير لليمن أرضا وإنسانا هو من أجل أمن واستقرار اليمن وازدهاره وحمايته¿.
هذا هو ما يمكن أن نسميه المضحك المبكي في نفس الوقت.ومن المفارقات أيضا أن تدعي دول هذا العدوان أنها تحارب إيران.إيران صارت في جنوب المملكة هل تحركت الجغرافيا على حين غرة ولم نشعر أو ندرك ذلك¿ أليست ايران على بعد بضعة كيلو مترات من أغلب دول العدوان في جهة الشرق منها¿
من المضحك المبكي في نفس اللحظة أن يدعوك اخوك المتأسلم بالأمس إلى الوقوف معه من أجل مقارعة التدخل السعودي في الشأن اليمني على أساس أن النظام السعودي عميل لأمريكا وللإمبريالية المتسلطة على الشعوب الإسلامية واليوم حيث يعتدي الذي كان يقول عنه بالأمس أنه سبب بلاء اليمن والمسلمين يهلل ويرحب ويؤيد هذا العدوان¿!
ما هذا يا قيادات الإصلاح¿! كيف نفهمكم ونأمن على حياتنا وحياة أبنائنا ومستقبلهم ولكم في كل ساعة رأي وموقف يتناقض مع ما كنتم عليه وتعتمدونه قبل يوم أو شهر¿!
رحمك الله يا شاعر اليمن الكبير كأنك تعيش واقعنا وتسرح بين ظهرانينا نعم لقد وصفت الحال بأبيات قليلة ولكنها اختصار لمجلدات من الدراسات والاستنتاجات التي تصف الحال بأدق العبارات:
فليقصفوا لست مقصف
        وليعنفوا أنت أعنف
وليحشدوا أنت تدري
        أن المخيفين أخوف
أغنى ولكن أشقى
        أوهى ولكن أجلف
أبدى ولكن أخفى
        أخزى ولكن أصلف
لهم حديد ونار
        وهم من القش أضعف
ويختتم قصيدته الملحمية المعنونة بـ(مصطفى):
يا (مصطفى) يا كتابا
    من كل قلب تألف
ويا زمانا سيأتي
    يمحو الزمان المزيف

قد يعجبك ايضا