لحظة يازمن.. على حافة الطفاية
محمد المساح
يجر نفسين متلاحقين وبعمق من السيجارة.. وكأن الدنيا ستفلت من يده يضعها على شرفة «الطفاية» ويعود ينشغل مع ذاته وأشيائه يغرق في انهماك عجيب يقلب أصابعه في الفراغ ويعود ضاحكا لنفسه وعليها صوت الضحكة تخلخل الهواء المحيط بجلسته متكئا على وسادة بلاستيكية وقد انغرس مرفق يده اليسرى في لدونة البلاستيك ينتبه إلى وصنعه.. وقد مال المتكأ وينظر مصادفة إلى حافة « الطفاية» وقد أصبحت رمادا حتى طرف الفلتر يحس بشعور عجيب.. كيف ترك السيجارة تترمد وبتلك الصورة.. ويخامره حينها إحساس بغرابة هذا الكون الذي لم يفهمه ولن يفهمه أبدا تأهبت كل الحواس بعدها وفي كامل جسده بحثا عن الباكت اللعين الذي يختفي بين الأشياء.. ليدخن سيجارة بديلة عن تلك التي ترمدت لوحدها على شرفة الطفاية.. تحرقه الخرامة في تلك اللحظة وهو يقلب الأشياء.. ويناثرها حواليه.. والباكت لم يظهر بعد.. وكأن قوة شبحية غير مرئية اختطفت الباكت بعيدا.
لعن في سره كل الأشياء التي قابلها في حياته والتي سيقابلها.. إذا ظل الكون ولم تهدمه القوى الباغية تلك القوة التي تعلن الحرب على البشر وتبتزهم.
في بحثه القلق متنمرا يلوح بالولاعة في يده متوعدا أنه سيحرق الباكت بكامله.. حتى يشفى غليلة من غفلات نفسه التي دخلت طور النسيان المهيمن عليها.
بكف اليد يضرب جبهته.. فيبرز الباكت الملعون.. وكأنه ذهب في رحلة وعاد هدأت ثورة غضبه.. تناول الباكت ونسى تماما وعيده.. أخرج السيجارة من باطنه .. ولع طرف السيجارة ومج نفسا عميقا وبتمهل.. ونفث الدخان في الهواء.. هذه المرة لم يضعها على حافة الطفاية.. تركها بين أصابعه.. حتى لاتترمد وعاد يغرق بحثا عن أشيائه الغريبة.