الاعتداء على اليمن والمنطق الغريب
من أغرب ما تسمعه من بعض المحللين والأبواق الإعلامية المأجورة والذين تغص بهم القنوات الفضائية هذه الأيام هو أن يقول لك أغلبهم إن العدوان على دولة عربية من قبل جارتها العربية هو من أجل الحفاظ على الأمن القومي العربي وتنفيذا لمعاهدة الدفاع العربي المشترك وهذا ما تم به تبرير العدوان الغاشم على اليمن بأنه حفاظا على الأمن القومي للعرب.
أعتقد أن هؤلاء يجب أن يكون لديهم ذرة من حياء أو خجل ويتجهون قليلا إلى من يعبث بالأمن القومي العربي ليل نهار ويعربد ويقتل الأبرياء في فلسطين المحتلة ويدنس المقدسات أم أنهم نسوا ذلك بسبب المال الخليجي المدنس والتوجيهات من قبل السيد الأمريكي الذي يوجه بوصلتهم كما يريد تارة تجاه العراق وتارة تجاه سوريا وتارة تجاه ليبيا وفي آخر صيحة تجاه اليمن .
مما لا شك فيه أن هؤلاء المنتسبين زورا وبهتانا لمهنة الصحافة والإعلام والتحليل السياسي الذي أصبح مطية لكل من هب ودب يعرفون داخل قرارة أنفسهم أنهم يكذبون ويخدعون ويضللون الناس لكنه تم تأجيرهم لكي يحرفوا ويزوروا ويعكسوا الحقائق ويقلبونها تنفيذا لأوامر من اشتراهم بالمال ليقولوا ما يريد هو ولو كان على حساب قناعاتهم الشخصية أولا وعلى حساب أوطانهم وهذا هو الأهم لكنه المال الذي يعمي بصائر الناس وأبصارهم.
اعتقد أن اتفاقية الدفاع العربي المشترك التي ماتت قبل أن تولد ولم يتم العمل بها بتاتا لا تبيح الاعتداء على دولة عربية شقيقة وقتل أبنائها بكل أنواع الأسلحة واستعراض العضلات العسكرية عليها كما هو الحاصل في اليمن حيث أن الدول التي تسمي نفسها عربية خليجية لم توجه أسلحتها التي دفعت فيها المليارات تجاه أعدائها الحقيقيين لأنها أجبن من تواجههم بل انه هناك دولة عربية محتلة من قبل كيان غاصب يعبث ويلهو كما يشاء دون أن يجد من يوقفه عند حده كما أن هناك دولة خليجية أرسلت طائراتها إلى اليمن لتضرب شعبه بينما هناك من يحتل جزرها وكان من المفروض أن تتحول الطائرات إلى هناك .
مما لا شك فيه أن هناك خللا كبيرا في النظام العربي الذي تم تجييره إلى حسابات أخرى غير الحساب الحقيقي فالجامعة العربية فشلت بقوة في إنشاء كيان عربي واحد رغم أنها من أقدم الكيانات تأسيسا في العصر الحديث لكنه لا يراد لها النجاح وللأسف فإننا كعرب ساهمنا في ذلك وبشكل كبير وساعدنا أعدائنا على تفكيكنا وجعلنا أمة متناحرة متحاربة فيما بينها ومن يراجع تاريخ الجامعة العربية سيصل إلى هذه النتيجة.
هل تمتلك دول الخليج الشجاعة في الإعلان أنها أخطأت في سياساتها تجاه أشقائها العرب فبدلا من دعم التنمية فيها والاستفادة من إمكانيات الدول العربية في كافة المجالات الزراعية والاقتصادية والسياحية ودعمها ليكون هناك تكاملا عربيا اقتصاديا بدلا من دعم الحروب والفتن وتأجيج الصراعات المذهبية والطائفية والمناطقية ليكون التكامل الاقتصادي هو عنوان المرحلة الجديدة للعرب وأنا واثق أن كل الأزمات والحروب ستنتهي وستجد هذه الدول أن كل الدول العربية دون استثناء ستقف معها وفي صفها تجاه أي عدوان يتم عليها من أي كان لكنها وضعت نفسها في
موقع المعتدي وبعثرت أموالها على الجماعات الإرهابية والمرتزقة الذين يعبثون بأمننا القومي العربي بحيث جعلوه لعبة في أيديهم فهل يمكن أن نعقل جميعا. قبل أن نصحو يوما فلا نجد فيه أي دولة عربية تتمتع بالأمن والاستقرار كما أنه لن يكون هناك لا أمن عربي ولا هم يحزنون حينها لن ينفع الندم.