أين يكمن الخلل¿

علي محمد قايد

الكثيرون يتذمرون ويتشاءمون من الأوضاع المعيشية ويلومون الوطن ويوجهون له لعناتهم بينما يتجاهلون ويتهربون من النظر إلى أنفسهم والتفكير في طريقة معيشتهم. صحيح أن هناك شريحة الفقراء وشبه الفقراء من محدودي الدخل الذين ليس لهم وظائف حكومية أو خاصة هؤلاء لهم أعذارهم ولكن ماذا عن الموظف الذي يحصل على راتب شهري ومكافآت وغير ذلك وبعضهم رشوات وبعضهم يمارسون الفساد¿! ماذا عنهم هل يحق لهم التذمر والتشاؤم من الوضع ولعن الوطن¿!
هناك مشاكل معيشية للجميع باستثناء الجزء اليسير الذين ينظمون حياتهم ونفقاتهم ويمارسون سياسة الاقتصاد والإدخار بينما الغالبية العظمى تسودهم العشوائية والتخبط وعدم المبالاة فلو كان هناك موظف راتبه مثلا سبعون ألف ريال ينفق منه كمصاريفه الخاصة ما يعادل ألف إلى ألفين يوميا كأقل تقدير مقابل قيمة القات والتدخين ووووو كم سيبقى من راتبه¿ ونعلم أنه يوجد من ينفقون أكثر من هذا المبلغ قيمة القات وتوابعه هذا يعني أن الجزء الأكبر من الراتب تم إنفاقه في غير محله مما يعني خلق معاناة للأسرة نفسها والتي تحرم من الأشياء الضرورية بسبب القات.
الكثيرون يعيشون في تخبط حتى العامل الذي يعمل بالأجر اليومي ينفق معظم مدخوله في شراء القات وتوابعه .. وهكذا هو حال الكثيرين الذين يخلقون المعاناة والحرمان لأنفسهم ولأسرهم ولوطنهم.
هناك غياب لسياسة الترشيد والتنظيم في النفقات .. هناك عدم تنظيم وموازنة بين مقدار دخل الفرد ونفقاته اليومية والشهرية ولا ندري ماذا سيحدث لو أن الموظف التفت لنفسه ولأسرته واستخدم عقله ونظم حياته وعمل قيمة ومقدارا لراتبه أو مدخوله وليس بالضرورة الموظف فقط هناك أصحاب المهن والحرف والذين يتخبطون نفس تخبط الموظف وهؤلاء باستطاعتهم أن يعيشوا عيشة كريمة ويوفرون من دخلهم المادي فالإدخار والتنظيم والاقتصاد المعيشي طريق إلى تحسين مستوى المعيشة وذلك بإقامة المشاريع الصغيرة التي تساعد على زيادة الدخل ومن ثم زيادة الرفاهية والاستقرار المعيشي للأسرة ويكون الأب قادرا على تعليم وتربية أبنائه وتوفير الغذاء المناسب والسكن المناسب ولكن مع الأسف هناك من يفضلون أنفسهم ومطالبهم غير الضرورية على أسرهم مما يخلق نوع من الاضطرابات الأسرية ويتسبب في حدوث مشاكل وظواهر سلبية منها التسرب من المدارس وضياع الأبناء بسبب ضياع الآباء وعدم ترشيدهم وتنظيم معيشتهم وهذا هو الواقع مع الأسف الشديد والذي لابد من تغييره حتى تتوفر للجميع حياة آمنة ومستقرة .. على الآباء أن يكونوا قدوة وأن يحرصوا على توفير متطلبات ومستلزمات أسرهم عن طريق الترشيد والاقتصاد والتنظيم المعيشي وعدم الانجرار وراء الرغبات والأشياء التي تخلق الفقر والحاجة وتدخلهم في متاهات هم في غنى عنها.

قد يعجبك ايضا