مقتطفات نجيب محفوظ
وخفق قلبه فأرجعه إلى عهد بعيد طري طفولة وأحلام وحنان أب واخيله سماوية المهتزون بالأناشيد يملأون الحوش.
والله في أعماق الصدور يتردد.
انظر واسمع وتعلم وفتح قلبك.
وإذا بالضوء الصارخ ينطفئ بغتة فيسود الظلام واذا بالرصاص يسكت فيسود الصمت.
وكف عن اطلاق النار بلا إرادة.
وتغلغل الصمت في الدنيا جميعا وحلت بالعالم حال من الغرابة المذهلة وتساءل ولكن سرعان ما تلاشى التساؤل وموضوعه على السواء وبلا أدنى أمل.
وظن أنهم تراجعوا وذابوا في الليل وأنه لا بد قد انتصر.
وتكاتف الظلام فلم يعد يرى شيئا ولا أشباح القبور.
لا شيء يريد أن يرى وغاص في الأعماق بلا نهاية.
ولم يعرف لنفسه وضعا ولا موضوعا ولا غاية.
وجاهد بكل قوة ليسيطر على شيئ ما ليبذل مقاومة أخيرة ليظفر عبثا بذكرى مستعصية وأخيرا لم يجد بدا من الاستسلام فاستسلم بلا مبالاة .. بلا مبالاة .
وصف لحالات .. سعيد مهران .. بطل رواية اللص والكلاب.
العزاء الحقيقي تجود به ظلمة النصف الثاني من الليل عندما تعزف الأنفاس المترددة ألحانا من الغايات عندما يسود النسيان المطلق الأرض والأفلاك.
غذاء دسم وراحة أبدية لا كالقلق النشوال وعذاب الوحدة التي تخلفها وراءها الهام.
تعب البصر من تفحص الوجوه وشوارع القاهرة الزاخرة بتيارات البشر والسيارات وكأمواج البحر في الأيام العاصفة وسحب الخريف الواردة من الاسكندرية يتبدد أكثرها قبل الوصول إلى سماء القاهرة ولكن ذكريات الاسكندرية مشتعلة أبدا في القلب المنتظر.
من رواية (الطريق)
آنفا بعض مقتطفات من روايات الأديب الكبير نجيب محفوظ .. أوردتها مجلة أخبار الأدب القاهرية .. احتفاء ببلوغه العام الثالث والتسعين .. وكما يكتب جمال الغيطاني:
عاش نجيب محفوظ مرتبطا بالمكان ارتباطا وثيقا حدود عالمه لا تمتد أكثر من الاسكندرية ولفترة محدودة صيفا لكنه اكتشف المكان في مستوياته المتعددة الظاهرة والباطنة الواقعية والرمزية وخلق هذه العوالم الرحبة الفسيحة التي تموج بأنواع مختلفة من البشر وعبر سبعة عقود لم يتوقف عن الكتابة وهذه حالة نادرة في الأدب الغربي عايش فيها أحوال المكان عبر الأزمنة المتوالية المتعاقبة والعهود المختلفة سياسيا واجتماعيا وعبر الكتابة تدعو قدرته على التجدد الدائم.