لحظة يا زمن… القلب الملعون
يأتيها صوته من بعيد يتوسل ويستغيث تجري في اتجاهه ترمي بكل شيء مهما كان ذلك الشيء مرتبطا باليد بالمشاعر بالذهن تحس من حينها بخدر الفجيعة يسري في مدارج القلب يهزه كما تهز عاصفة شديدة كشجرة ريانة يخاف العاصف ذاته أن تلتوي أغصانها أو تنكسر.
تجري كالملهوفة على طفلها الصغير حتى لا يلتهمه الطاهش في لحظة جوع مجنونة تقترب من الصوت جزعة وهلعة يتبدى لها الوجه أولا.. يعود النفس لديها.. تقترب أكثر تلهث تصل إليه لم تبق غير الخطوة الواحدة وهي تهم بمد الذراع لتأخذ بيده يبتعد لا تصدق الأمر في البداية وتعتبره مزحة من مزحاته التي أعتاد أن يعملها معها أحيانا.. يتدلل لكن الخطوات تبتعد بالفعل.. ابتعدت الخطوات بالفعل.
آه.. هل خرجت الآهة من الحلق ـ آه.. أهة.. من القلب.. من الضلوع ـ من المكاحف التي تحتضن حبة الروح ـ صعدت الآهة من أعماق الجرح الأبدي الذي يصنع ألم الدنيا.. صعدت الآهة ـ من القلب الذي يعجن ويخبز طوال العمر طعم الفرحة.. ومرارة الحنظل.
ذلك الذي يحدده الإله العظيم في القلب البشري ليقيس فيه “ترمومتر الحرارة والبرودة” وكم هو صغير ذلك القلب تلك الذرة ومجموع “السعسع” وهي تأكل جذع شجرة البسباس وتنخره.
تداعت المرأة الملهوفة على المستغيث المنادي في أطراف الليل والنهار النائي بنفسه بعيدا وقريبا الرامي بنفسه في بحار “المكالف المليحات” الداعجات العيون.
يظل طوال العمر المحسوب في لوح القدر خادما لتلك “اللعنة الأبدية” التي عجنت القلب بطحين الحب الكاذب والسراب الخادع.
تداعت المرأة وتساءلت وأرتجف القلب هلعا.
هل هو الطاهش بالحقيقة والوجود الذي أخذ الطفل الحبيب أو هو سمك القرش “اللخام” تلك الملاسة والانسياب العظيم وهو يندفع مطاردا فريسته على إيقاع الدم.
هل هو القدر الغاضب هل هو المصير المحتوم لكل أولئك الذين يعبرون الدرب فترتعش القلوب لمراءهم وينشدون بعد ذلك الشعراء الجوالين والفنانين قصة ” وميووجو لبيت” قصة هيلين وحرب طروادة : من فم الدهر المغني.
“الدودحية اليمنية” وأين بندقك يا حسن¿ والرقصة الزبيرية التي تحمل فيها الراقصة في الشرح مشقر الريحان وفي يدها اليمنى تحمل “منجرة” يطير منها دخان البخور واحتراق عود الند في مفرق الشعر.
يطير القلب هباء أحبت وماتت قبله حينها كان يتشكل وجهه من بين الرماد.