ماذا يريد الشعب في المرحلة القادمة¿ 4-4
جمال عبدالحميد عبدالغني
بعد أن تحدثنا في التناولات السابقة عن العدل والاقتصاد والفساد سنكرس هذه التناولة لمطلب شعبي ملح ألا وهو الأمن الذي بتوفره يتوفر الاستقرار وتطمئن رؤوس الأموال الوطنية والأجنبية وتزدهر حركة السياحة الداخلية والخارجية, ولأن الأمن مرتبط ارتباطا وثيقا بالاقتصاد وتحسن الاقتصاد يعني تحسن المستوى المعيشي للمواطنين ومعنى ذلك بالضرورة نموا مضطرا لموارد الدولة الأمر الذي يمكنها من زيادة الانفاق على العملية الأمنية وتطوير قدرات العاملين في أجهزة أمن الدولة المختلفة وهناك أثر إيجابي غير مباشر سينتج عن تحسن الوضع الاقتصادي سيفرض نفسه على الحالة الأمنية حيث سيعزف الكثير من الذين كانوا يرتكبون بعض الجرائم بفعل الحاجة والفقر والبطالة ويعودون إلى رشدهم ويسلكون سلوكا سويا بعد أن تتحسن ظروفهم المعيشية أسوة ببقية أفراد الشعب, لكن يجب أن لا ننسى أن نمو وازدهار الاقتصاد مرهون بمحاربة لوبي الفساد بكل قوة ودون هوادة ومحاكمة نماذج كبيرة من الفاسدين والبحث عن كل موارد الدولة الضائعة.
والأمن الذي ينشده الشعب هو أمن في المدن والأرياف, في الطرقات وفي الصحارى والجبال بحيث يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخشى إلا الله والذئب على غنمه أو كمال قال رسولنا الكريم عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلوات وأزكى التسليم, لقد وصلت الحالة الأمنية إلى أردأ وأسوأ مستوياتها وخصوصا في العشر السنوات الأخيرة على الأقل, حيث تم اغتيال المئات من الضباط في وضح النهار وأمام أعين الكثير من الناس دون أن تحرك الدولة ساكنا تجاه تلك الجرائم ونفذت العديد من الجرائم الانتحارية البشعة ضد جموع من المواطنين الأبرياء مدنيين وعسكريين أزهقت فيها العديد من الأرواح وأريق فيها الدم اليمني دون أن يشاهد المواطن محاكمة علنية للمتورطين في تلك الجرائم الدخيلة على مجتمعنا المسالم بل دون أن يتم الكشف عن نتائج التحقيق لأي من تلك الجرائم الكارثية .. وكانت أبشع تلك الجرائم وأكثرها وحشية ما حدث لأربعة عشر جنديا في محافظة حضرموت مطلع العام الماضي حيث تم اختطافهم من على متن حافلة تقلهم إلى صنعاء ضمن عدد آخر من الركاب وتم انتقاؤهم من بين الركاب واقتيادهم إلى سوق المدينة وذبحهم أمام حشد من الناس وسط السوق دون خوف من الله أو خشية من عقاب الدولة والكارثة أن الدولة حينها لم تحرك ساكنا باستثناء الإدانة والشجب وكأن الجريمة ارتكبت في (نيكاراجوا) وليست في مديرية يمنية وقد وصل الاستهتار بالدولة إلى درجة تفجير أنابيب النفط عشرات المرات وتخريب أبراج وشبكات الكهرباء مئات المرات خلال السنوات الأربع الماضية ولم نشهد محاكمة علنية لأي مجرم واكتفت أجهزة الدولة المختصة في أحيان كثيرة بالإعلان عن اسماء العصابات المتورطة بتلك الجرائم وتحديد أماكن تواجدهم وأرقام هواتفهم ولم يحاسبهم أحد عن مئات المليارات التي تكبدتها الخزينة العامة جراء ذلك ولذلك فالشعب يريد أن لا تتكرر تلك الجرائم دون عقاب رادع.