من أحرجتمونا إلى فاجأتمونا ..¿!!

جمال الظاهري


 - أرادوا هدمها فبنوها ,استعرت هذه العبارة التي قالها السياسي المخضرم الدكتور عبدالكريم الإرياني إبان أزمة ما قبل حرب 1994م مخاطبا مبعوث الأمم المتحدة الأخضر الإبراهيمي,
أرادوا هدمها فبنوها ,استعرت هذه العبارة التي قالها السياسي المخضرم الدكتور عبدالكريم الإرياني إبان أزمة ما قبل حرب 1994م مخاطبا مبعوث الأمم المتحدة الأخضر الإبراهيمي, تذكرت هذه العبارة كنتيجة طبيعية لمفاعيل الأحداث الأخيرة التي كان أبرز ما فيها محطتان الأولى تقديم رئيس الحكومة بحاح استقالة حكومته للرئيس الذي أضاف بدوره استقالته إليها في خطوة وإجراء لم يسبقه إليه أحد إذا أخذنا في الاعتبار الوضع الخطير الذي تمر به البلاد والمخاطر الجسيمة التي تتهدد أمن ووحدة ومستقبل الشعب اليمني .
ولذا حين قال السيد عبدالملك الحوثي – في خطابه الذي وجهه لأنصاره وللجيش وللشعب اليمني واللجان الشعبية معتبرا استقالة هادي (خيانة) وعدم مبالاة واستهتار ودعوة للفتنة من قبل شخصية تعتلي أعلى منصب في الدولة, قال عن استقالتهم: (رب ضارة نافعة) فإن قوله هذا كان عن يقين ومعرفة بأن لا فائدة في بقاء الرئيس أو حكومة بحاح وأنهم أعجز من أن يقدموا للشعب أبسط الأمور وأنه ينطبق عليهم مقولة (فاقد الشيء لا يعطيه) وأن مغادرتهم اليوم أفضل من مغادرتهم غدا رغم ما في الفراغ من ضرر .
ومع هذا ونتيجة لما يمكن أن تتعرض له البلاد من مخاطر فإنه ومن خلال استشعاره لهذه المخاطر ولأنه وجد نفسه مسؤولا مسؤولية مباشرة عن الحفاظ على السلم الاجتماعي ومصالح الناس بحكم الأمر الواقع وكي لا يستغل الفراغ الدستوري لإحداث المزيد من التدهور فقد دعا إلى مؤتمر وطني لا يستثني أحدا من أجل الضغط على الأحزاب للخروج برؤية جامعة ومعبرة عن جميع أبناء اليمن, خرج هذا المؤتمر بمهلة للمتحاورين مدتها ثلاثة أيام وتفويضا كاملا للجان الثورية باتخاذ ما يلزم من إجراءات وطنية لوقف المهزلة التي يمارسها أي طرف سياسي أو قوى محلية وخارجية.
انقضت المهلة ومدد للمتحاورين ولكنهم لم يخرجوا بنتيجة, وبعد أن تأكد للجان الثورية المفوضة أن هناك شركاء وأطراف سياسية تحاول استكمال المؤامرة عن طريق إبقاء البلاد في حالة من الفراغ السياسي والإداري التام غير عابئة بنتائج هذا الفراغ كان لابد من عمل شيء ما للسيطرة على الوضع المتدهور وللجم الانزلاق المتسارع للأوضاع الأمنية والاقتصادية التي بالمحصلة ستكون بوابة لتشظي المجتمع وفقدان بوصلته وجعله رهينة لأطراف خارجية لا تريد لليمن الخير.
فشل الوسطاء ومبعوث الأمم المتحدة نتيجة تعنت (الناصري والإصلاح والاشتراكي) فكان الإعلان الدستوري هو المخرج المتاح أمام من يتحمل المسؤولية واقعا على الأرض ويحتاج إلى غطاء (شرعية) لممارسة السلطة على مستوى الوطن وأمام الأطراف الدولية خاصة بعد أن تأكد لحركة أنصار الله أن هناك أطرافا سياسية تريد إبقاء الوضع خارج السيطرة بغرض تحميل الحركة واللجان الثورية نتائج وعواقب ما ستصل إليه أوضاع الناس من ترد.
بث بيان الإعلان الدستوري من دار الرئاسة بحضور سياسي واجتماعي كبير ,مثل فيه الحضور كل مناطق اليمن وسط أجواء مشحونة بفعل التهويل من قبل وسائل الإعلام المحلية والخارجية التي حاولت أن تخلق حالة من عدم الاستقرار عن طريق تصويره على أنه انقلاب متجاهلة تماما أن أعلى سلطات الحكم قد قدمت استقالتها وأن البلاد تعيش حالة من الفراغ شبه التام.
صحيح أن الإعلان الدستوري جاء مترجما لما كانت الأطراف السياسية قد اتفقت عليه ومسايرا لمطالب ما سمي ثورة 2011م و2014م وما رفعه الشباب من شعارات إلا أن الإجراء رغم ضرورته كان مفاجئا للأطراف الحزبية حسب ما قالت..
ومن أحرجتمونا إلى فاجأتمونا مسيرة أربع سنوات سبقها سنتان من الحوارات التي أشعلت صراعا سياسيا شديدا فجره عضو المؤتمر الشعبي – سلطان البركاني – في أزمة (خلع العداد) التي قادت إلى أزمة 2011م كان لابد من عمل شيء فكان ما أقدمت عليه اللجان الثورية التي تعتبر نفسها مخولة ومفوضة في عمل ما تراه مناسبا لصالح البلاد.
وأمام مداهنة وتلاعب بعض الأطراف حسب ما عبر عنه الإعلان وبيان المؤتمر الشعبي العام كان الإجراء الذي سمي بالأحادي له ما يبرره يدل على ذلك أن بقية الأحزاب أو أغلبها تعترف ولو ضمنيا بأنه مبرر ولكنها تصفه بالأحادي ما يعني أنها لا تختلف ولا تعارض الإجراءات من حيث المضمون وتعارضه من ناحية الشكل ولأنها لم تستشر أو تشارك فيه.
ما عدا ذلك فإن بنود الإعلان الدستوري منسجمة مع اتفاق السلم والشراكة الموقع من جميع القوى السياسية ومنسجمة مع مخرجات الحوار المتوافق عليها ومبقيا للأبواب مشرعة أمام الجميع ولمن يريد الالتحاق والمشاركة في السلطة الانتقالية التي حددت بعامين يتم فيها استعادة كل السلطات – التشريعية والقضائية والتنفيذية.

قد يعجبك ايضا