حتى منتهى البوح
بلقيس الكبسي

رغم أنك في أقصى الشرق إلا أني أراك في الجهة المقابلة تطل هذا الصباح منعشا بشوشا في وجه بحر يلتهم هموم روحيتداعب نسماته قسمات الألم يسطو على أحزاني ويقاسمني الآهات بصمت ولا تألوا موجاته في تبديد سكون الضجر هذا الجبار وحده من استطاع استباحة الهمس بكل أسراره حتى منتهى البوح.
كل هذا الاغراء أرغم نبضات قلبي التي سبقتني إليك فكتبتك بمداد شراييني و عزفتك سمفونية خالدة لكل الأمكنة والأزمنة وروحا عطرة كزهر ندي لا يذبل. لتتلوك صباحات الأبجدية بكل همسها المتاح شعرا ونثرا ونبضا .
في هذا الشتاء المتهدج وخزا يجتاح دفء حنانك صقيع روحي التائهة في غياهب الوجدان لتؤوب وأرفة الى أروقة الحنين ويغفو الاشتياق في حضن الوئام.
بالقرب من صخرة متشبثة بتلابيب شاطىء لم تمل موجاته الغاضبة من صفعها أكتب إليك حيث لا يوجد سواي وبحر يستنزف آلامي من هنا أبث الشوق والحنين في صباح مغاير لا يشبه صباحاتي المتشابهة علمني فيه تفردك كيف أبحث عن اختلاف يجملها ويزيدني شوقا إليك..¿
في سعة من هذا الألم الباذخ الذي يحتوي صمتي مازلت تسكن فسحة قلبي الوافرة تروض عنفواني وأروض عنفك لتعود من جديد جنينا حالما مسالما تولد بعد مخاض جهيد حلما مشتهى وأملا مفعما بالحياة – حتى ولو في نزيف حبري- تولد قديسا أو راهبا أو حتى ساحرا متفردا باحتواء عناد تمردي وحنقي وسخطي واستياء قلبي.
لا تقل هيا نعقد شراكة وفاق مع الأوجاع وصديد الآلام وحمى القهر وهجر السهادمللت كل الشراكات الفاشلةلم تعد الشراكة مجدية هلا استبدت لمرة واحدة ومحوت كل ذلك باقتدار إليك أسلمت سلطة قلبي فتقلدها وكن سلطانا على عرش كان ومازال عنوان تاريخي الزاهي بك . إليك يا ألمي المستكين تحية تزلزل تبلدك المستفز علها تجتاح كل دروبك المظلمة وسراديبك الكالحة و تلتهم غياهب الجدل الذي يحتويك ويرديني فيك .
كلما غافلت ذاكرتي لأمحوك علي أنسى أنك المأوى والملاذ تطل من مرايا الغياب فيغتال حضورك السأم المتفشي فكم هي المسافات التي ينبغي أن نجتازها حتى نشعر بالاحتياج وكم هي المرات التي ينبغي فيها إعادة تهيئتنا لنصبح قادرين على الوئام من جديد . أنا وأنت فقط من يحق لنا التفاوض في خصوصياتنا المؤلمة فجميع الأقطاب فيك متشابهة لذلك لن تتفق لأنها تتشابه كثيرا وحدها الأقطاب المختلفة من تتجاذب لذلك علينا أن نختلف لنتجاذب مللت هذا التشابه الرتيب فهلا كسرت كل هذا السأم باختلاف مغاير .
أيها الغائب الحاضر المكدس بامتلاء في دهاليز الجرح الكبير. الموشوم بانتماء الهوية في دمي لماذا سماؤك تمطر وأرضك تشكو الظمأ..¿ هاهي ثمارك نضجت في أغصان الفؤاد تدلت وأينعت فأين القطاف..¿!