في الذكرى الرابعة للثورة التونسية
علي بن عرفة
يحتفل شعبنا التونسي هذه الأيام بمشاركة الأشقاء والأصدقاء وأنصار الحرية في العالم بالذكرى الرابعة للثورة التونسية المجيدة وانتهاء المرحلة الانتقالية بإنجاز دستور توافقي حظي بما يشبه الإجماع داخل المجلس التأسيسي والإشادة الدولية بما تضمنه من تأكيد على مدنية الدولة وضمان الحريات وتوزيع السلطات وعلوية القانون والتداول السلمي على السلطة بالإضافة إلى النجاح في الانتخابات التشريعية والرئاسية رغم العراقيل الكثيرة التي كانت تستهدف منع التونسيين من الوصول إلى تتويج مرحلتهم الانتقالية بدستور حديث وانتخابات تشريعية ورئاسية تمثل نقلة نوعية في الممارسة السياسية في عالمنا العربي بما يدحض كل النظريات التي تقدح في وعي وثقافة العرب والمسلمين بزعم استعصاء عالمنا العربي والإسلامي على الحداثة السياسية والديمقراطية والتداول السلمي على السلطة.
كل هذه الإنجازات التي نحتفل بها اليوم وتغبطنا عليها شعوب كثيرة تعثرت في طريقها إلى بناء ديمقراطيتها وتباركها شعوب العالم الحر لم تكن لتتحقق لولا روح المسؤولية التي تحلى بها الفاعلون السياسيون ومنظمات المجتمع المدني الذين تنادوا إلى طاولة الحوار الوطني ونبذوا العنف والانقسام الذي كان يهدد تجربتنا وقدموا المصلحة الوطنية العليا على المصالح الشخصية والحزبية الضيقة بتقديم التنازلات المؤلمة أحيانا والمطلوبة لتحقيق التعايش والمشاركة بين جميع الأطراف وإنقاذ التجربة من خطر الانتكاسة أو الالتفاف عليها من قبل القوى الداخلية والخارجية المتربصة بها.
وإذ نحتفل اليوم بإنجازات الثورة التي ما كان لها أن تتحقق دون الحوار بين جميع مكونات الساحة السياسية دون استثناء والتوافق الوطني الجامع فإن مما يكدر علينا فرحتنا بهذه المنجزات بالإضافة الى ما يشهده عالمنا العربي والإسلامي في كل من فلسطين وليبيا وسوريا والعراق أحداث العنف والتفجير والقتل العشوائي في اليمن الشقيق فتجعلنا نحبس أنفاسنا خوفا على استقرار اليمن ووحدته وانجراره – لا قدر الله- الى مستنقع العنف ما لم يعل صوت العقل والمصالحة الوطنية لدى جميع الأطراف وليس ذلك بعزيز على اليمنيين أهل الإيمان وموطن العقل ومنبع الحكمة .
إن المنطق والعقل والتجارب الإنسانية ومنها تجربتنا التونسية التي نحتفل بذكراها اليوم تشير بوضوح إلى أن لا مستقبل لأي ثورة ولا أمن ولا استقرار لأي بلد ولا تنمية ولا حرية لأي شعب إلا بتضافر جهود الجميع ونبذ العنف مهما كان مصدره وأسبابه والتوافق على العيش المشترك والمشاركة الفعلية لكل مكونات المجتمع في السلطة والثروة وإن سبيل الوصول لكل ذلك هو الحوار الجدي بمشاركة الجميع دون استثناء أو إقصاء مع الحرص على الالتزام الجماعي بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني في كنف المسؤولية والالتزام بالعهود والمواثيق.
اللهم احمö اليمن الشقيق وشعبه من كل مكروه.
وكل عام والعلاقات الأخوية التونسية- اليمنية قوية وراسخة وفي تطور مستمر .