د. شرف الدين.. ثروة وطنية تم إهدارها

حسن حمود شرف الدين


 - مر عام على اغتيال أحد أعمدة التشريع الدستوري والقانوني في اليمن بشكل خاص والمنطقة العربية والإسلامية بشكل عام.. مر عام على اغتيال مشروع الدولة المدنية الحقيقية التي كان ولا زال ينشدها الشعب اليمني بكافة فئاتهم
مر عام على اغتيال أحد أعمدة التشريع الدستوري والقانوني في اليمن بشكل خاص والمنطقة العربية والإسلامية بشكل عام.. مر عام على اغتيال مشروع الدولة المدنية الحقيقية التي كان ولا زال ينشدها الشعب اليمني بكافة فئاتهم ومكوناتهم السياسية والحزبية والاجتماعية.
مر عام ولا زالت جريمة اغتياله مرسومة أمام عيناي وكأنه متأسف على ما وصلت إليه البلد.. مر عام ولا زالت الحكومة تتكتم أو تتغافل عن ملف الجريمة وكأن هناك من يزال يمارس عليها ضغوطات لمواصلة التكتم والتكاسل عن الإعلان بنتائج التحقيق وإظهاره للشعب وليس لأسرته فقط.. فقد تأثر كل مواطن غيور على وطنه بفاجعة اغتيال وفقدان أحد أبرز قيادات الدولة التي تتوفر فيها عوامل الكفاءة والنزاهة والشرف.
لن أتحدث هنا عن الشهيد الدكتور أحمد بن عبدالرحمن شرف الدين كقيمة اجتماعية أو أسرية.. سأشير إلى قيمة غائبة عن مجتمعنا تماما قيمة تهتم بها كافة شعوب العالم.. لقد خسرنا باغتيال فقيه الدستور قيمة وطنية فقد مثل ثروة وطنية وقومية حقيقية تم إغفالها وإهمالها طوال سنوات حياته من قبل الحكومة والقيادة السياسية.
وأمثال الدكتور أحمد في البلدان المتقدمة يحافظون عليهم كما يحافظون على جواهرهم الثمينة بل أكثر من ذلك.
هنا في مجتمعنا لا نهتم بكافة أشكال الثروات ابتداء بالثروات الطبيعية مرورا بالثروات التاريخية وغيرها من الثروات القومية وصولا إلى الثروات الأكاديمية التي تعمل على بناء الدول تشريعيا واقتصاديا واجتماعيا.. لكن للأسف في مجتمعنا المختلف عن مجتمعات شعوب العالم هناك من يتربص بالعقول المتميزة ويفتك بها ويزيلها من خارطة البناء والتحديث لا لشيء وإنما لأهواء شخصية أو أمراض نفسية أو لتنفيذ أجندات خارجية هدفها تدمير المجتمع اليمني أرضا وإنسانا.
الثروات الأكاديمية التي من المفترض أن نحافظ عليها ونهتم بها تتساقط أمام أعيننا يوما بعد آخر فقد سبق اغتيال الدكتور أحمد شرف الدين اغتيال الدكتور عبدالكريم جدبان تلاه اغتيال الدكتور محمد عبدالملك المتوكل وقيادات وطنية أخرى يتساقطون واحدا تلو الآخر في ظل صمت رهيب وتكاسل واضح من المجتمع ومنظمات المجتمع المدني التي طالما وتتغنى بالدفاع عن حريات الرأي والتعبير وحق الحياة.
هناك من لا يؤمن “بحرية الرأي والتعبير” فقد عاشوا في غابة مليئة بأشخاص يحملون صفات الذئاب والثعالب يمارسون الغدر والمكر يعيشون كخفافيش الليل ويستمتعون بأصوات “البوم” التي تعزف موسيقى التفرقة والفتنة في أوساط المجتمعات.
هناك من لا يؤمن “بحق الحياة” كحق كفله الله سبحانه وتعالى حين قال “ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحقö”.. فبضاعتهم الدم وليس سوى الدم.. يتمتعون بمشاهدة الدماء تسيل من رقاب الأبرياء.. يسعون إلى تدمير الأخلاق والقيم الحميدة في أوساط المجتمع.. يسعون إلى تفكيك المجتمع ليجعلوه مفكك سهل المنال أمام الآخرين.
إن نضوب المجتمعات من مفكريها وعقلائها نذير بانتشار عصابات التدمير والتخريب وهذا ما يسعى إليه قتلة الشهيد الدكتور أحمد عبدالرحمن شرف الدين وغيره ممن استشهدوا على أيدي الإجرام.

قد يعجبك ايضا