حكاية الحفار …

عبدالرحمن بجاش


 - دعونا نهرب من هذا الهجير الذي يلف الأنفاس, دعونا نخفف عن أنفسنا بعض ضغط اللحظة الذي يكاد يخمد نار الإنسان في أعماقنا ...دعونا نبتسم ولو تكلفا, دعونا نقول إننا سنستحضر
دعونا نهرب من هذا الهجير الذي يلف الأنفاس, دعونا نخفف عن أنفسنا بعض ضغط اللحظة الذي يكاد يخمد نار الإنسان في أعماقنا …دعونا نبتسم ولو تكلفا, دعونا نقول إننا سنستحضر الأمل بكل ما أوتينا من قوة, حتى ولو كانت الأدمع في مآقينا قد تحجرت, تعالوا إذا إلى حكاية الحفار, لا أقصد ذلك الحفار الذي أخرجه صالح مرسي من ملفات المخابرات المصرية والذي حوله إلى حلقات في آخر ساعة تابعناها بشغف في لحظة ذهبت, والذي بالإضافة إلى رأفت الهجان فقد أثبتت المخابرات المصرية يومها ومن خلال قصص رجالها أن تكون بل وتتفوق على الموساد الذي مجرد اسمه يثير الرعب, لكنه معظم الوقت رعب يصنعه الإعلام, وتعلمون أن الصهيونية قد قامت ركائزها على المال والجنس والإعلام, ثلاثي تحوöل به الماسونية هذا العالم إلى (أحجار على رقعة الشطرنج) تحكمه (حكومة العالم الخفية)!!, ويصور كتاب (وتحطمت الطائرات عند الفجر) لكاتب مجهول هو بالتأكيد الموساد كيف أحبط العرب في العام 67م بعد صدوره بعد الهزيمة مباشرة حيث صور العربي على أنه كائن مهزوم, يولد من بطن أمه مهزوما!!, أجاب على ذلك الكتاب بعد حرب اكتوبر 73م أحمد بهاء الدين بكتابه (وتحطمت الاسطورة عند الظهر), الحفار هنا له علاقة بالبراءة التي هي عنوان معظم اليمنيين, ففي قريتنا تقريبا قبل 33 عاما جلب المهندس محمد أنعم غالب حفارا كبيرا ليحفر أول بئر في قرانا, وقد وصل نظرا لحجمه ووعورة الطريق إلى البلاد بصعوبة بالغة, وكان يومها معظم القرويين لم يروا حفارا بذلك الحجم في حياتهم, فما كان من معظمهم إلا أن دخلوا إلى بيوتهم, وتمددوا انتظارا للحظة القيامة, فقد ظنوا أن الحفار أحد علامات الساعة, وقد هب من استطاع إلى الوضوء وترديد أن آيات وأدعية الاستعداد للموت, عزز ما ذهبوا إليه أن العم ثابت عبدالله غالب رحمه الله كان قد استلم اليوم السابق ميكرفون للمسجد, فبدأ يدعو الناس للخروج لاستقبال الحفار, بعضهم كاد أن يجن فلم يكن قد سمع صوتا بذلك القوة في حياته (يا أيها الإخوة المواطنون أخرجوا لاستقبال الحفار) عمتي رحمها الله ظنت أن ذلك الذي يكبر الصوت (يزلج) فكانت تصيح على ثابت (زلجت حق ابني يا كلب يا ابن الكلب) فيرد عليها (ما كلبة إلا أنتي) والميكرفون ينقل شتائمهم المتبادلة فيظن القرويون في القرى المحيطة أنهم المعنيون فيردون (والله ما كلب إلا أنت)!!, ولأنهم خائفون فقد ترك كل ما بيده وعاد إلى بيته (القيامة ستقوم), فتمدد الرجال والنساء ينتظرون الموت, لكنهم اكتشفوا صبح اليوم التالي أنهم لا يزالون أحياء, وبدأ الرجال يخرجون متلمسين طريقهم بحذر وصار الأول يسمع أن (محمد الحاج) أتى بحفار من أجل البير فيخبر الثاني بخجل, فكنت ترى كل واحد يتهم الآخر بالجبن والخوف ولم ينظر إلى نفسه وكيف تصرف, يتذكر أهل قرانا تلك الحادثة ويبتسمون, وقد تكررت الصورة في صنعاء فقد كنا نسكن يومها في حارة التضامن وحدث أن أكسف القمر فما كان من كثيرين في الحارة إلا أن ذهبوا إلى الفراش استعدادا للموت, جار هو وزوجته تمددوا, وعادوا ليتذكروا أنهم لم يتوضوا فقاموا للوضوء, والمرأة تذكرت بعد وقت من انتظارها للموت أنها نسيت ذهبها فقامت لتجمعه وتضعه بينها وبين زوجها, ليكتشفوا صباحا أنهم لا يزالون أحياء..على طريقة صاحبي أمين الوائلي: شكرا لأنكم تبتسمون.. وإذا لم فأنتم أحرار.

قد يعجبك ايضا