“تشارلي هيبدو” قتيلا ..!

خالد الصعفاني


 - .. ارفض بشدة الفعل المسيء للنبي الأعظم محمد أو أي رمز إسلامي آخر من أبناء الاسلام ومن غيرهم , وبعد ذلك لست مع ردة الفعل التي تقتل المدنيين في مقار عملهم أو في غيرها ..
خالد الصعفاني –

.. ارفض بشدة الفعل المسيء للنبي الأعظم محمد أو أي رمز إسلامي آخر من أبناء الاسلام ومن غيرهم , وبعد ذلك لست مع ردة الفعل التي تقتل المدنيين في مقار عملهم أو في غيرها .. والارتباط بالنسبة لي بين الموقفين عكسي تماما فما لا أقبله في الأول قد أقبله في الثاني .. وطبعا بين أسطر ما حدث في أربعاء باريس قبل الأخير الكثير والكثير مما قيل وسيقال حتى ما شاء الله ..
.. فالمجلة الاسبوعية الكرتونية الساخرة ” تشارلي هيبدو ” التي تصدر من قلب باريس عاصمة الموضة والجمال كانت مسرحا لعملية نوعية نفذها بالكلاشينكوف أخوان فرنسيان مسلمان من أصول جزائرية تركا دليلا بأن هجومهما على مقر الصحيفة كان انتقاما للرسوم المسيئة للرسول محمد ونشرتها المجلة أكثر من مرة .. وقتل 12 شخصا فيها كان بينهم رئيس التحرير وثلاثة من أبرز رسامي الكاريكاتور الفرنسيين وحارسي الامن المسلمين من أصول جزائرية أيضا وسبعة عاملين آخرين فيها ..
.. إعلام العالم الذي تابعته باهتمام لأيام اعتبرها عملية عالية الدقة كونها جاءت في قلب المدينة وقلب النهار ظهرا وجرت بسرعة ودقة وحققت أهدافها بقتل كل من في الصحيفة ثم لاذ المنفذان بالهرب قبل أن يسلم مساعدهما الثالث نفسه بعد ساعات ويقتل الاخوان ” كوراشي ” اليوم التالي في تبادل لإطلاق النار في مناسبتين مات فيه أيضا خمسة آخرون منهم ثلاثة يهود ..
.. العالم خرج عن بكرة أبيه عجميا وعربيا يدين ما جرى للمجلة وكان عرض التضامن كبيرا حتى من حشود الثورة الفرنسية نفسها .. كانت مسافة التضامن كبيرة من جاوة الاندونيسية الى مدريد الاسبانية , وكانت المسافة الفاصلة بين محمود عباس وبنيامين نيتنياهو أربعة أشخاص أهمهم الرئيس الفرنسي والمستشارة الالمانية ..
.. الإعلام ركز على اسلاموية المنفذين وارهابية الفعل الاسلاموي وعظمت من خطر التشدد الاسلاموي أيضا مع عدم إغفال إن ما تم لا ينفذ إرادة المسلمين وليس من الإسلام وهو ما شهد به الرئيس الفرنسي نفسه وحتى رئيسة الحزب اليميني المتشدد في فرنسا ..
.. وطبعا كان لليمن حظه باعتباره احتضن وفقا لمصدر استخباراتي يمنيا ثم تقارير أمنية غربية أحد الأخوين الذي زار البلد عام 2011م والتقى أنور العولقي الذي نفخ الروح وفقا للتقارير في الفكرة نفسها قبل ان يقتل بطائرة “درون” في نفس العام .. وسجلت الحادثة رسميا وإعلاميا لحساب تنظيم القاعدة وداعش العراق – سوريا ..
.. ولكون الضحايا صحفيين وفي مدينة فاتنة كباريس ونظرا للشعارات الكبيرة التي اعلنت عن حرية التعبير واستهداف الارهاب لمبادئ الجمهورية والحرية هناك فقد ابتلعت الحادثة حظا كبيرا من انتاج الاعلام العالمي في الاسبوع الاخير وتلاقحت المظاهرات التضامنية في مدن اوروبا اهمها في الجارة الحليفة برلين ..
.. أما الإسرائيليون فقد كان لهم جناحهم الخاص فقد اوفدوا رسالتهم القوية بأن فرنسا لم تعد آمنة على اليهود.. ثم وفد كبير تقدمه “نيتنياهو” ثم طقوس زيارة للكنيس ارتدى معها هولاند الرئيس الفرنسي ورئيس حكومته الكوفية السوداء اليهودية ضمن عشرات المسؤولين الآخرين .. وطبعا كان اهتمامهم بجثامين أصحابهم على أعلى مستوى وجرت لهم جنازة ابو اسد ..
.. مقتل ” تشارلي ” فتح الباب على تفسيرات كثيرة شخصيا لا استبعد أي سيناريو طبيعي أو استخباراتي نفذه .. لأن السياسي والاقتصادي والديني أصبحت جميعها في سلة عالمية واحدة وهنا تكمن الخطورة الحضارية التي فلسفها “هيلينتغتون” في كتابه صراع الحضارات ..!
أخيرا :
.. “قتل تشارلي ” والأكيد أنه عاين الحقيقة .. الإرهاب لا دين ولا جنسية محددة .. وكما رأيناه يجتاح الدول الاسلامية واليمن على رأسها فقد رأيناه في الهند وبالي ولندن واسبانيا والنرويج وامريكا ومن ابناء جلدتهم .. يعني لم يكن لمتشددين مسلمين بل لمتشددين من أهلهم .. لكن الفرق يبقى في اعتبارهم لهذه الاحداث جنائية بينما ما ينسب للمسلمين يكون إرهابا ..! ولأن النفس العنصري كان حاضرا فقد حمل العدد الاول للمجلة بعد الحادثة رسميا مسيئا لنبينا وهو ما يعكس مستوى تدني الجدية في التعاطي مع دروس ما حدث بالأمس القريب ..!

قد يعجبك ايضا