قفزة وفلتة
محمد المساح
للنفس أحيانا هواها العجيب تترك صاحبها في قارعة الطريق وتنطلق هاربة كالطير حرة.. وردة في مدرب السيل و”القصد من النفس هنا” العقل الإرادة الطاقة الحياة نفسها سمها ما شئت يشبه العقل أو التحكم.
المهم.
تركت النفس صاحبها هكذا بدون مقدمات ولم تكلف من باب العلم على الأقل ـ ذاتها طرح الأسباب إذا كانت وجيهة أم لا هكذا فلتة فوضوية.. كحال صاحبها حين يتعبث بها معه ويقلبها جارية من جواري أفكاره العبثية.
صنفت وقالت:
لماذا لم أعملها¿ ظلت الفكرة تراودها وتلح عليها لكن الفرصة لم تواتيها أبدا ولم تسنح لها.
هذه المرة.. لاحت فكرة التمرد وطبقتها على الفور وفي الحال.. خشية أن تتراجع.
تحشدت بطاقة لم تدر من أين هبت عليها.. وفي سرحة شاردة هبطت عليه غافلته وانطلقت هاربة من كيانه.
لم يصدق في البداية.. اعتبر الأمر مزحة خفيفة من مزحاتها المعتادة ولية من لياتها العديدة وسرعان ما تعود إلى مكانها.
على بعد عشر خطوات أو أقل صرخت له صرخة عجيبة: جرب بدوني! لم تتغير ملامحه قطعا.
ببلاهته المعتادة أخرج لها لسانه ثم بلعها بثانية أحس أن كيانه يتقلقل وثباته تغير.
ـ ستعمليها بجد
ـ سأعملها
وابتعدت عنه في الفضاء حلقت نفخت ريشها وطارت.
أساليب السحر التي استدعاها في التو واللحظة أبدت عدم جدواها ذكرها.. بالأيام والعشرة لم تسمع عملت على أذنها حجرة والأخرى طين.
لم تطاوعها القدرة.. وهي تنظر إلى وجهه الحزين.
عادت بسرعة فائقة واستوت في تجويفها المعتاد.
وذهبت معه على ضفاف الحياة تتلقفهما الأيام لشدة التكرار ضاع عليه التقويم وركض بالنفس وراء أهداف لم يعد يتذكرها يلاحق شيئا بلا اسم يبقى بعيدا على الدوام.
يمشي في طرق الدنيا يعود إلى ماض خيالي أو حقيقي لا يعرف بالضبط طبيعته.
يستعيد ذكريات نسيها يتذكر ما لم يحدث مطلقا يذهب إلى المستقبل ويعود كما كان.
الزمن يمضي أو أن الزمن يمضي به وهو لا يدري.
الأماني تعثرت ورمى بها على أمل أن تركب من تعثرها أملا.. لكن الانفلاتات المتعددة وطبيعة تركيبته المعقدة حكمت عليه وعلى النفس أن يتعايشا معا بانفلاتات فوضوية متبادلة.