استكمال التسوية السياسية.. الوقت مقابل الكلفة
محمــد محمــد إبراهيـــــم
محمــد محمــد إبراهيـــــم –
رغم ما جرى على التسوية السياسية اليمنية من رياح وأعاصير جديدة زادت من تعقيدات مسار الحل السياسي اليمني وضاعفت من ثمن استكمال عتباتها الأكثر صعوبة أصلا إلا أن تلك العواصف بكل ما ألقته من ثقل على كاهل الدولة ومواردها أفضت إلى نتائج عززت العزيمة والإرادة اليمنية في مواصلة مراحل التسوية السياسية اليمنية ووفق رؤى عملية تتواءم مع إيقاع المتغيرات التي تتجدد على خارطة العمل الوطني يوما بعد آخر والتي حتمتú على اليمنيين مزيدا من الإصرار على التعايش والقبول بالآخر في سبيل الوصول إلى حلول مرúضية للجميع مع الأخذ بالاعتبار معادلة الزمن وحتمية الإنجاز..
ولو سألنا أنفسنا-خارج أعداد الضحايا والنازحين وخسائر توقف التنمية جراء الصراعات والارتدادات الناتجة عن الاختلالات الأمنية منذ بدأ اليمنيون تنفيذ مراحل التسوية السياسية- عن الكلفة المالية التي دفعتها اليمن على مراحل هذه التسوية حتى اللحظة لما اتسع هذا المقام لعكس المؤشرات التي فاقت توقعات المختصين والراصدين لما يجب على اليمن دفعه كثمن لنجاح خروجها أزمات الصراع السياسي لكن السؤال الأهم هنا هو كم تبقى من زمن التسوية السياسية..¿! ليس كون اليمنيون وصل بهم الحال حد السأم من ما يجري في البلد من حرب مفتوحة مع غياب الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي بل لكون المعادلة تفيد بأنه كلما طال أمد الصراع زادت كلفة المعالجات على كل الصعد واستفحلت الخسائر بمعايش الناس ومقدرات الدولة..
لذا يظل أمل اليمنيين على أبواب العام الجديد 2015م معلقا على محاولات تجاوز تعقيدات المرحلة السياسية ومقتضيات تسويتها المدعومة إقليميا ودوليا وفي زمن قياسي يعفي الشعب من المعاناة التي قصمت ظهر المجتمع بمزيد من الضحايا والنزوح جراء الحروب وبتعطيل التنمية في كل مرافق الحياة وبما يخفف أيضا على خزينة الدولة النفقات الهائلة التي ضربت مؤشرات الأمان المالي في ظل موارد تكاد تكون معدومة وفي ظل وضع إنتاجي سيء ومقرون بمؤثرات عالمية والتي كان آخرها هبوط النفط إلى أدنى مستوياته منذ صعوده.. ما يجعل خزينة الدولة على وشك تلقي الضربة القاضية بعد ما تعرضت وتتعرض مقدراتها من تدمير ونكسات أرجعت إنتاج النفط إلى 130 ألف برميل من أصل 400 ألف برميل قبل 2010م..
إن وضع اقتصادي وسياسي غير مستقر وغير متوقع للوقت المحدد لجنوح سفينة الصراع بأمان على شاطئ الاستقرار- هذا في حال حافظنا عليها من الغرق بنا جميعا- يتطلب من كل القوى السياسية اليمنية ومن كل من بيده خيوط كثيرة من المعضلات في هذا البلد المكلوم أن تدرك رسالتها الوطنية في السلام قبل الحرب وتوفير أسباب وعوامل استدامة الصراع وفي البناء قبل الهدم نكاية بالماضي وفي استغلال الوقت قبل فوات أوان النجاة من الانهيار الاقتصادي الذي صار يتحدث عنه خبراء المال والاقتصاد محدثين بذلك قلقا وخوفا في معنويات المجتمع اليمني الذي توقف على مفترق الطرق حسب تعبير الساسة والمراقبون ولم يدر حتى اللحظة ما القادم وإلى ما سيفضي إليه الركب فالحرب ضد القاعدة لم تحسم بعد بل صارت تهدد أطفالنا في المدارس وملف الدستور عالق في شبكة القضايا الخلافية..
خلاصة القول أن على القوى السياسية أن تدرك الآن ضرورة تحول الجميع إلى منقذين ومتنازلين عن أماكنهم ومصالحهم من أجل النجاة بقارب اليمن من مغبة الغرق السياسي.. وأن عليها أن تدرك أن اتفاقية السلم والشراكة هي آخر الفرص الذهبية ليس بكونها قامت على قاعدة صلبة من ما تم إنجازه في السابق وعبر أشمل وأكبر حوار وطني شهده تاريخ اليمن السياسي المعاصر وهو الحوار الذي قام على المبادرة الخليجية والرعاية الدولية.. بل لكون هذه الاتفاقية تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن كل خيوط الحلول لم تزل بيد اليمنيين أنفسهم وعليهم أن لا يتركوها من أيديهم بل يعظوا عليها بالنواجذ..