وظائف الدولة تهترئ!!
جميل مفرح
تساهل مخيف ومحزن ظهرت ملامحه وتتجلى يوما فآخر تجاه الوظيفة الحكومية ومختلف المسؤوليات المرتبطة بها.. وبدا بما لا يترك مجالا للريبة أن التعامل مع الوظيفة لا يعدو كونه تعاملا سطحيا نفعيا لا يتجاوز المصلحة أو المنفعة الشخصية حتى أن البعض غدا يقارن بين عموم مواقع الوظيفة العامة وما يتقاضاه أجرا عن تلك الوظيفة أو الموقع الوظيفي من جانب وما يتقاضاه أجرا المنتسبون إلى كشوفات حالات الضمان الاجتماعي!!
فبدأ التساهل منذ سنوات من قبل نسبة كبيرة من الموظفين الذين حاولوا وما يزالون يحاولون إقناع الآخرين بأن ما يتقاضونه من الجهات التي يعملون فيها من أجر هو ضمان اجتماعي مبررين لتقاعسهم وإعراضهم عن أداء وظائفهم الأداء الذي يستحقون لقاء ما يتقاضونه من أجر!!
ومنذ تسرب بعض المعلمين وموظفي الوزارات والجهات الحكومية في العام 2010م تحت ذريعة الفعل الثوري أو ما شابه والمشكلات الوظيفية والأدائية في تدهور متلاحق ومتزايد يبعث على القلق والخوف.. منذ ذلك التوقيت ارتفعت أو فلنقل ظهرت ثقافة سيئة لا يمكن أن تقدم للوطن والمواطن ولا حتى للذات فعلا بناء بقدر ما تشي بفعل هدام سلبي مجمل نتائجه وآثاره ومتعلقاته سلبية سواء في حاضر الزمن أو في مستقبله وقد تكون آثار السلبية تلك مستقبلا أكثر وأبشع في سوئها ومستوى هدمها ما دامت سائرة على هذه الآلية المتزايدة والمتسارعة المخيفة والمنذرة بغد سوداوي لا رجاء منه ولا مجال لعقد آمال مرجعوة منه.
ونتيجة لتلك الظاهرة السيئة بدت على الوظيفة العامة مظاهر تستجلب الآمال تلافيها واليأس من أذنيه اليأس المطلق من تحقق الدولة الحقيقية الكاملة فما بالك بالدولة المدنية الحديثة¿!
ومن تلك المظاهر بل من أهمها الانخفاض الكبير جدا لدى مختلف أو فلنقل معظم أجهزة ومؤسسات الدولة في تقديم واجباتها ومهامها الأساسية تجاه الشعب والوطن علما أنه هذه الواجبات وتلك المهام هي المطلب الأساس أو بالأصح المبرر والسبب لإنشاء هذه الأجهزة والمؤسسات التي لم توجد إلا لتقديم الخدمة العامة لكل أبناء الشعب كغاية أساسية وتكوين أو تمثيل شيء اسمه دولة..
والملاحظ بقوة أن من أهم أسباب ذلك التوجه السلبي أو على رأس أسباب عدة يأتي سبب كارثي وخطير وهو تسييس الوظيفة العامة والتعامل معها على أساس التحاصص والتقاسم ما حول الوظيفة إلى كعكة تقطيعها وتقسيمها على أساس حزبي مقيت بعيدا عن معايير الكفاءات والقدرات والتخصصات وهذا بدوره لا يشي بشيء أكثر من فعل تدميري قاتل في بنى الدولة والابتعاد بها عن شكلها الطبيعي وبمهامها المفترضة..
نعم إن الدولة اليوم ما تزال سائرة في درب الاهتداء والتهادي الذي قد يؤدي في قريب الموعد إلى قتل ما تبقى من مظاهرها وبالتالي انتفاء وجودها الفعلي بالمرة وهو أمر أكثر من مخيف ويتحمل الساسيون اليوم المسؤولية الكبرى تجاه حدوثه فقد كانوا وما يزالون العامل الفاعل والمهندس لمجريات الواقع المحتمل بكامل تفاصيله.