الفساد.. العدو الأول لليمن !!¿
د/عبدالله علي الفضلي
* قال الله تعالى في محكم كتابه 🙁 ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس لنذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون) الروم (41). وقد انزل الله آيات كثيرة عن الفساد والمفسدين في الارض وحذر من مغبة الفساد وعواقبه الوخيمة في الدنيا والآخرة لان الفساد في الارض هو من عمل الشيطان , قال تعالى 🙁 استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم أنفسهم) فهو الذي يوسوس في صدور الفاسدين ويزين الفساد في قلوبهم وان ما يقومون به من فساد وعبث ونهب وتفيد انما هو حق من حقوقهم طالما انهم يعملون ويتحملون المسؤولية ويقدمون خدماتهم للآخرين (واذا قيل لهم لا تفسدوا في الارض قالوا انما نحن مصلحون. الا انهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون) البقرة (12) .
أي انهم يظنون في أنفسهم أن ما يقومون به من فساد في الارض انما هو عمل صالح وان ما يتفيدونه من أموال وفساد إنما هو أجر ما يقومون به ولذلك فإن الفساد بكل أنواعه وأشكاله واساليبه ونوازعه وممارسته وحجمه ومقداره موجود في كل دول العالم الغني والفقير ولكنه يتفاوت من دولة الى اخرى ومن قارة الى اخرى.
ففي الدول الميسورة والغنية والتي تتمتع بموارد اقتصادية هائلة ومعدلات دخول المواطنين فيها مرتفع جدا والكل يعمل ويكسب فهناك فساد يمارس ويجري ولكن هذا الفساد لا يؤثر ولا تنعكس ممارسته على الدولة او على المواطنين ومعيشتهم مهما كان حجم الفساد الذي يمارس فهو فساد محدود قد ينحصر في تعاطي العمولات أو الصفقات التجارية أو استغلال المناصب والوظائف في التكسب والاثراء وبالتالي لا يظهر على السطح الا النذر اليسير , ولكن حينما يمارس الفساد في بلد فقير وموارده محدودة ودخول الافراد محدودة ايضا ولا تلبي احتياجات الأسرة والمتطلبات الأخرى فان هذا الفساد ومن يمارسه يظهر على السطح وامام الملأ ولا يمكن اخفاؤه أو التستر عليه أو التغافل عنه, لماذا ¿ لان المواطنين يعيشون على مستوى واحد من الدخول والمساواة في المرتبات والاجور وحينما يشعرون أن هناك موظفا أو مسؤولا قد ظهرت عليه علامات التخمة أو أعراض الغنى في وقت قياسي وبمجرد تسلمه منصبا عاليا في جهة ما خاصة اذا كانت هذه الوظيفة جهة ايرادية يشعر الناس من حوله انه فاسد وانه قد اثرى من وراء هذه الوظيفة وأصبح يناطح كبار القوم وكبار التجار وقد انضم الى ناديهم وتجمعاتهم , وما أكثرهم في بلادنا . وهم لا يعدون فقط بالعشرات ولا بالمئات بل يعدون بعشرات الآلاف , الذين اثروا وافسدوا ونهبوا وتفيدوا مدخرات وأموال الشعب على مدى عشرات السنين حتى افقروا البلاد والعباد , فالمواطن العادي يزداد فقرا وتضررا وجوعا ومرضا , وهم يزدادون غناء وثروة ومكانة عالية. فقد استولوا على الاراضي بالكيلومترات في كل مكان من اليمن وشيدوا القصور والاسوار وبنوا العمارات والأسواق التجارية كما بنوا المصانع واستحوذوا على الوكالات التجارية وسكنوا في اعالي الجبال في فلل وقصور من قصور قصص الف ليلة وليلة .
كما استحوذوا على المنح الدراسة الى الخارج واحتكروها لابنائهم وهم من أصحاب الدرجات المتدنية واستحوذوا على السفارات في الخارج وابتعثوا اليها ابنائهم واقاربهم واصدقائهم , كما استحوذوا على ثروة البلاد وتقاسموها فيما بينهم حقلا وقطاعا قطاعا وبئرا بئرا وبرميلا برميلا , وتولوا التصدير نيابة عن الدولة وتاجروا بالمشتقات النفطية , ودمروا المشاريع الاستراتيجية وافسدوا في مجال الطرق العامة وبددوا فيها مئات المليارات ولم يمض على شقها أو سفلتتها الا بضعة اشهر الا وقد دمرتها الامطار والسيول والكل شاهد على ذلك العبث. حتى ان الفساد قد استشرى بين بعض ضباط القوات المسلحة والأمن وان هناك قادة الوية عسكرية في طول البلاد وعرضها قد تحولوا الى اثرياء وتجار ومقاولين وأصحاب عمارات وأسواق ووكالات تجارية وذلك من خلال بقائهم محنطين في مناصبهم ومشكلين لعشرات السنين دون تغيير أو تبديل أو تدوير .
أما فئات المظلومين من المواطنين بمختلف شرائحهم ووظائفهم فهم بالملايين يعانون الامرين ويكافحون بكل الوسائل ليل نهار للحصول على لقمة العيش الضرورية.
ورأيتم مناظر آلاف العمال الذين اتوا وهربوا من الأرياف وقسوة الحياة فيها الى المدينة للبحث عن فرصة عمل وهم يتوزعون في عدة أماكن في العاصمة صنعاء من باب اليمن إلى باب شعوب وباب البلقة وأمام سور جامعة صنعاء ومذبح والسنينة وهم يمسكون بأيديهم أدوات العمل وينتظرون منذ مطلع الفجر لمن سيأتي اليهم من اصحاب الاعمال فيهرعون اليه كالجراد وهم بالعشرات في الوقت الذي لا يحتاج صاحب العمل الا لعاملين او ثلاثة وهكذا يقضون يومهم ولا يمتلكون في جيوبهم ما يقتاتون به طوال اليوم, بينما