“العملية التعليمية – في الماضي والحاضر” (1 – 2)
جمال عبدالحميد عبدالمغني
يجب أن نعترف أن العملية التعليمية لم تتطور في بلادنا كيفا وإن حدث تطور كبير من حيث الكم ومن يقارن بين مخرجات التعليم في السبعينيات مع مخرجات التعليم في وقتنا الحاضر أو حتى مع مخرجات بداية الألفية الثالثة سيجد فارقا رهيبا في مستوى المخرجات فعلى سبيل المثال كنا في النصف الأخير من عقد السبعينيات في القرن الماضي طلابا في المرحلة الابتدائية وكنا بعد إكمال السنة الدراسية الأولى نستطيع أن نقرأ ونكتب ونحسب أيضا وأتذكر أن الأخطاء الإملائية اختفت تقريبا في كتابي وكتابة معظم أقراني عندما انتقلنا للدراسة في مدرسة (حجاج) في الصف الرابع الابتدائي لأن سقف الدراسة في مدرسة “المسقاة” كان حتى نهاية ثالث ابتدائي وكانت مدرسة المسقاة آنذاك عبارة عن مساحة تحت الأشجار ليس إلا وكان خط معظمنا جميلا لأن الأستاذ المرحوم الداهية يحيى حسن الشامي علمنا (خلال سنوات الدراسة الثلاث التي قضيناها تحت إشرافه كل شيء يتعلق بالكتابة بدءا من الطريقة المثلى لمسك القلم والسيطرة عليه وانتهاء بتحريك الأنامل بسهولة وبدون تشنج حتى تخرج الكلمة واضحة وأنيقة وسهلة القراءة وكان يعترض على كتابة أي حرف إذا وجد فيه اعوجاجا أو تشوبها ويقول لا أريد أن تتعودوا من الآن على كتابة بهذا الأسلوب الخاطئ – يقول للطالب الذي أخطأ في كتابة الحرف ضمن أي كلمة وكان يستخدم العصا إذا استمر الطالب في الخطأ.
وكان يساعده آنذاك أستاذ فاضل لا يقل عنه روعة هو الأستاذ محمد حسين الآنسي أمد الله في عمره وعندما انتقلنا إلى الصف الرابع الابتدائي كان مستوى معظم زملاء الدفعة متميزا وخصوصا من أتينا من مدرسة المسقاة.
كان معظم المدرسين في مدرسة حجاج من خريجي الثانوية العامة الذين يؤدون خدمة التدريس الإلزامية وكانت مستوياتهم أو بالأصح معظمهم رائعة جدا وحتى أساليب التلقين وإيصال المعلومات والإخلاص للمهنة كانت كلها مثالية وأتذكر منهم الأساتذة الأفاضل “طاهر حمود عبدالمغني السفير بوزارة الخارجية وعلي طاهر عبدالمغني وعبدالمنعم الفائق وعلي سعد الجوفي وغيرهم الكثير أمد الله في أعمارهم جميعا أما مدراء المدارس المتميزون خلال مراحل دراستي فأتذكر الأستاذ علي مصلح الأشول والأستاذ راشد الهلالي والأستاذ علي صالح المكردي.. وفي دراستنا الجامعية لا يمكن نسيان أول من لقننا مبادئ المحاسبة وأصولها بكل كفاءة واقتدار الرائع الدكتور إبراهيم الكبسي الذي لا يزال إلى اليوم مفعما بالحيوية والنشاط سواء بالجامعة أو في مكتبه الخاص أو في العمل النقابي بنقابة المحاسبين اليمنيين وكذلك الأستاذ محمد سعيد باكحيل ولا ننسى الدكتور أحمد يوسف أحمد الذي كانت تكتظ قاعة المحاضرات الكبرى بجامعة صنعاء عندما يلقي محاضراته في العلوم السياسية وأصبح الآن من الرموز السياسية والأكاديمية بمصر المحروسة.
أخيرا: معظم خريجي الجامعات اليوم في بلادنا أخطاؤهم الإملائية لا تطاق وخطوطهم ركيكة وتعبيراتهم تفضح المستوى التعليمي الحالي وتثبت أن العملية التعليمية برمتها بحاجة إلى إعادة تقييم.