احذروا ما يقول المحللون !
يكتبها: علي بارجاء
من متابعاتي للقنوات الفضائية اليمنية والعربية التي تعرض لمجريات الأحداث الأخيرة في اليمن وبخاصة ما يطرحه المحللون السياسيون الذين تستضيفهم تلك القنوات يخيل لي أن اليمن تسير حقا في طريق مظلم وأني سأنام وأستيقظ فأجد اليمن قد أصبح أثرا بعد عين.
لا أدري كيف يقرأ هؤلاء المحللون الأحداث الجارية في الواقع¿ وأي منهجية يعتمدون عليها عندما يصدرون أحكامهم¿ وبخاصة أولئك الذين ينظرون إلى ما يحدث منطلقين من نظرة سوداوية وتأثيرات مسبقة تخدم اتجاهات فكرية وآيديولوجية معينة ومثل هؤلاء لا يمكن أن يسهموا في تقديم آراء صائبة وحلول ناجعة يمكن الاستفادة منها في الوصول إلى تسوية حقيقية بين المكونات السياسية طالما أن تحليلاتهم لا تصدر عن تجرد وحياد.
معظم التحليلات التي أسمعها من هؤلاء المحللين إلا من رحم ربي إما أن تكون مبنية على مبدأ سوء الظن ومثل هؤلاء لا يمكن أن تسمع في أحاديثهم وتحليلاتهم أي تفاؤل أو أمل أو بشرى بل تجدها في الغالب تكرس للتشاؤم وتنذر بقادم سيء كأنها تحاول أن تزرع الإحباط في النفوس ويستطيع المشاهد الحصيف أن يلمح في تعبيرات وجوههم أو في نبرات أصواتهم ما يشير إلى موقفهم المعارض ومن هنا تسقط كل حججهم التي يحاولون بها إقناعه بصحة آرائهم وصواب تحليلاتهم. أما الفريق الآخر فينطلقون من مبدأ حسن الظن ويكفي هؤلاء أنهم على الأقل يساعدون على زرع الأمل في النفوس بأن القادم سيكون أفضل مما مضى.
مشكلة قنواتنا أنها تحتفي بكل من يروج للتحليلات سيئة الظن فتكثر من استضافتهم إمعانا في التحريش لتزيد المشكلات تعقيدا وكأنها تتعمد أن يتسع الخرق على الراتق. في الوقت الذي ينبغي فيه أن تحرص على نشر كل ما من شأنه التوفيق والتهدئة والدعوة إلى التوافق والتآلف والتسامح بين الفرقاء.
ومشكلة ساساتنا أنهم يركبون رؤوسهم ويؤثرون مصالحهم الحزبية أكثر من مصلحة الوطن كم مرة التقى هؤلاء السياسيون واتفقوا وكم هي المرات التي نقضوا ما اتفقوا عليه¿ كنت في كل مرة أسمع فيها أن الأحزاب ستلتقي أو التقت لتتفق تتبادر إلى ذهني أغنية المطرب محمد صالح عزاني التي مطلعها: (اتفقنا إننا لا نتفق ذي حقيقة مهما كان فيها ألم).
والمشكلة الثالثة أن نفوس الناس ميالة إلى تصديق الآراء والتحليلات التي يطرحها المعارضون كأنهم هم الوحيدون الذين يحتكرون الحقيقة في حين يرون في آراء المؤيدين وتحليلاتهم الكذب والتزييف.
ويبقى هؤلاء وأولئك في النهاية أشبه بالمنجمين فإن صدقوا في ما يقولون بتوقع الأفضل للوطن كانوا خيرا وإن صدقوا بتوقع الشر فكان الأولى أن يطرحوا ذلك مسبقا في مواضعه وعلى صانعي القرار ليجنبوا الوطن وأهله الشرور. وإن كذبوا فقد خدعوا الناس وأرهبوهم وهنيئا لهم ما كسبوا من مال مقابل ما باعوا من كلام.