عودة إلى المشهد السياسي والدستوري العراقي الحالي

أ.د عمر عثمان العمودي

 - يكتنف مواد وأحكام الدستور العراقي الحالي الذي وضعه للعراق الحاكم الأمريكي السابق للعراق "بريمر" الكثير من الغموض والهلامية والقابلية لتعدد التفسيرات المتباينة فهو يصلح لإقامة
يكتنف مواد وأحكام الدستور العراقي الحالي الذي وضعه للعراق الحاكم الأمريكي السابق للعراق “بريمر” الكثير من الغموض والهلامية والقابلية لتعدد التفسيرات المتباينة فهو يصلح لإقامة ديمقراطية طائفية توافقية للبلاد على النمط والشكل السائد في لبنان وهو مؤهلا أيضا لتقسيم العراق إلى ثلاث دويلات: شيعية في الجنوب وسنية في الوسط وبعض أجزاء الشمال وكردية في منطقة كردستان العراق الشمالية وهو من ناحية ثالثة مؤهل لإقامة دولة فيدرالية ديمقراطية للعراق الواحد المتنوع ثقافيا وجغرافيا ومذهبيا وعنصريا والفيصل في تحديد هذا أو ذاك هو بيد أبناء العراق أنفسهم وبوجه خاص زعاماتهم السياسية والدينية والمذهبية فهم الفيصل وهم المسؤولون قبل غيرهم إذا أرادوا السلامة والنجاة ببلادهم في طريق العزة والازدهار والتقدم والقوة والتنمية الشاملة والمتوازنة أو الوقوع في هاوية الفتن والدماء والصراع والتمزق المهدد للجميع ولمصلحة الأجندات الخارجية الإقليمية والدولية.
كيف فهمت وكيف فسرت القوى السياسية العراقية وضع بلادها السياسي والدستوري الجديد¿:
من تابع ويتابع توجهات وأهداف وأجندات وسياسات أطراف وزعماء المشهد السياسي العراقي أثناء الاحتلال الأمريكي المباشر للعراق وبعد خروج الأمريكيين الظاهري من العراق لا يجد في كل ما يراه ويحلله من مواقف ومعطيات ما يثير الأمل والتفاؤل الإيجابي بظهور العراق الديمقراطي الواحد الجديد والمزدهر والمتقدم لأن كل قوى المشهد السياسي العراقي مختلفة ومتباينة التوجهات والأجندات محليا وإقليميا ودوليا وبتوضيح أكثر نشير إلى:
أ- شيعة العراق: وهم منذ سقوط النظام السياسي السابق نظام صدام حسين التكريتي البعثي وهم في صدارة ومقدمة المشهد السياسي العراقي وبموجب التوافقات السياسية والانتخابية والقانونية فقد سارت العملية السياسية ووفقا للحكم البرلماني المحاصصة في تقسيم المناصب العليا في الدولة فإن منصب رئيس الوزراء الحاكم التنفيذي الأول في البلاد هو للشيعة ويرى شيعة العراق أن عددهم في مجمل سكان الدولة أكثر من 55% ومن حقهم أن يمارسوا دورهم ومشاركتهم السياسية بما يتناسب مع عددهم في المجتمع العراقي ويكفيهم بحسب ما يقولون مما أصابهم أو تعرضوا له من ظلم وتهميش سياسي منذ استقلال العراق عام 1921م وقد تولى هذا المنصب في العشر السنوات اللاحقة على سقوط حكم ونظام صدام حسين عدة رؤساء منهم علاوي والجعفري وأخيرا نوري المالكي وجميعهم من وجهة نظر أكثرية السنة والأكراد وبعض التنظيمات الشيعية لم ينجحوا بالقدر المطلوب المحقق لمصالح العراق العامة وبما يثير ثقة ورضا أغلبية الشعب فهم ويدعى نوري المالكي الذي أمضى دورتين في الحكم “8 أعوام” ويطمح في دورة ثالثة أنه أدار الحكم العراقي بفاعلية وموضوعية ولمصلحة العراق الواحد ويؤكد مرارا وتكرارا أنه يحظى بشعبية عامة كبيرة وأن لديه رسالة ومشروعا نهضويا عاما يريد إنجازه من خلال استمراره فترة ثالثة ومن حقه الحصول على ذلك لأن حزبه ائتلاف دولة النظام والقانون قد فاز بأغلبية برلمانية تتيح له ذلك في آخر انتخابات برلمانية هذا العام 2014 ولكن خصومه وأعداءه من أكثر السنة وأكثر الأكراد وقوى أخرى مهمة لا يريدون استمراره في المنصب ويعتبرون استمرار وجوده على رأس الحكومة لا يخدم مصلحة وأمن واستقرار العراق ويتهم من بعض قيادات السنة السياسية بالمذهبية والتعصب العملي للشيعة على حساب السنة والأكراد وأنه ينفق بسخاء وبلا حساب من عائدات النفط والغاز المالية العراقية على عدد كبير من الميليشيات السياسية والعسكرية السرية والعلنية التي تقوم بالترويج لحكمه وزعامته ومطاردة وإرهاب خصومه ويتهمه آخرون بالعمالة المزدوجة لإيران وأميركا إذ يوالي إيران بلا حدود ويداري أميركا ويعمل للتوفيق بينهما على حساب العراق ومصالحه الوطنية ولكي يتحقق التوافق والتصالح والتسامح بين الشيعة وغيرهم من السنة والأكراد فعليهم –كما نرى- التخلي عن أساليب الانتقام والسيطرة على الغير وتقدير حقوق ومصالح الغير على أرض الواقع بالإيثار والتضحية وعدم المبالغة في حجم وجودهم العددي داخل المجتمع العراقي لأن الغير لا يقرون لهم بذلك.

قد يعجبك ايضا