الإعلام اليمني وحراك أنصار الله
ناجي عبدالله الحرازي
ناجي عبدالله الحرازي –
* التطورات المتسارعة التي شهدتها بلادنا مع تمدد أنصار الله أو كما يطلق عليهم البعض الحوثيين ولجانهم الشعبية منذ أحداث عمران .. هذه التطورات صاحبتها تداعيات سياسية واجتماعية وإعلامية..
وإذا ما تناولنا التداعيات الإعلامية سنجد أنه بعدما كان الحديث عن الحوثيين أشبه بالمحظور منذ حروبهم الستة مع الرئيس السابق علي عبدالله صالح ومستشاريه عندما منعت وسائل الإعلام الرسمية من تناول أو تغطية تلك الحروب ها هو الإعلام اليمني وهاهم إعلاميو اليمن يتابعون التطورات أولا بأول.
وكما هو حال عامة اليمنيين بين مؤيد ومعارض لما يقوم به أنصار الله وخاصة مسلحيهم أو لجانهم الشعبية التي انتشرت في العاصمة صنعاء وفي عدد من مراكز المحافظات ومدنها لوحظ أن وسائل الإعلام اليمنية هي الأخرى تأثرت بما يحدث فوجدنا فيها وفي اعلامينا من يؤيدهم ويدافع عنهم ويرى أنهم يمثلون نقطة تحول في تاريخ اليمن الحديث كما أن هناك من يعارضهم بل ولا يتردد في كيل التهم لهم واعتبارهم أدوات لتنفيذ مخطط خارجي ..
المثير في تناول الإعلاميين اليمنيين لحراك أنصار الله أو الحوثيين أن بعضهم سمح لمشاعره الخاصة أو انتمائه الحزبي بالتأثير على أدائه الإعلامي .
وإذا ما تتبعنا التسلسل الزمني لتعامل الإعلاميين اليمنيين مع حراك أنصار الله سنجد أنه مر بمراحل عديدة منذ الحرب الأولى التي خاضها معهم الرئيس السابق علي عبدالله صالح بحجة أنهم خارجون أو متمردون على الدولة …
حينها لم يتنس للإعلام اليمني … سواء أكانت وسائل الإعلام الحكومية الرسمية أو تلك الملوكة لأشخاص ولأحزاب وحتى بعض مراسلي وسائل الإعلام الخارجية… متابعة ما يدور في مناطق المواجهة المسلحة مع مسلحي أنصار الله حيث فرضت حالة من التعتيم الإعلامي واقتصر الأمر على البيانات الصادرة عن الرئاسة وعلى تغطيات وسائل الإعلام الخارجية .
لكن مع انتهاء الحرب السادسة وانزلاق البلاد في أحداث ما وصف بثورة فبراير أو الثورة الشبابية .. ظهر أنصار الله إلى العلن وكان لهم موقعهم في ساحة الاعتصام في صنعاء ولم يعودوا ذلك المكون السياسي المجهول …
حينها ورد ذكر أنصار الله والحوثيين في بعض التغطيات الإعلامية لكن دون تفصيل يجيب على الأسئلة المتعلقة بطبيعة حراكهم وما إذا كان تواجدهم في ساحة التغيير رمزيا أو أنهم لن يتوسعوا من صعدة جنوبا باتجاه عمران ثم صنعاء وغيرها من محافظات اليمن كما حدث خلال الأسابيع الماضية..
حتى جاءنا مؤتمر الحوار الوطني الذي ظهر أنصار الله ضمن مكوناته كما خصص المؤتمر فريق عمل لمناقشة قضية صعدة ..
حينها أيضا اقتصر التعامل الإعلامي مع أنصار الله والحوثيين على بعض الأخبار التي تناولتهم ولم تتضح الصورة بعد بالنسبة لكثير من الإعلاميين اليمنيين وغير اليمنيين حول هذا المكون السياسي الناشئ ومدى انتشاره.
لكن ما إن وصل مسلحوا أنصار الله إلى ضواحي مدينة عمران التي قوبلوا فيها بمعارضة شديدة من خصومهم .. حتى انبرى العديد من الإعلاميين اليمنيين لمتابعة التطورات وتغطية أخبار الحوثيين بشكل يومي ..
بعضهم التزم الحياد وسعى إلى الموضوعية ومتابعة الأخبار كما هي وآخرون لم يفعلوا وظهرت انتماءاتهم السياسية و مواقفهم الشخصية بشكل جلي خلال تغطيتهم لأخبار وتطورات ما شهدته عمران وضواحيها
ومع وصولهم إلى صنعاء ثم الإعلان عن اتفاق السلم والشراكة الذي جعل من أنصار الله طرفا أساسيا في العمل السياسي والأمني في اليمن نلاحظ أن بعض الإعلاميين اليمنيين واصلوا اعتبار أنصار الله متمردين خارجين عن الدولة اليمنية وواصلوا انتقادهم لهم بل والتحريض عليهم..
هؤلاء .. إذا ما تحدثنا بلغة الإعلام الأكاديمية .. فقدوا موضوعيتهم أو حيادهم كإعلاميين محترفين .. و غاب عنهم أن عملهم أو مهنتهم تحتم عليهم نقل المعلومات للجمهور وعدم إقحام آرائهم الشخصية في تغطياتهم الإخبارية .
ولذلك وحتى لا يقع إعلامنا ضحية للمواقف السياسية أو الخصومات التقليدية و لا يتحول إعلامنا إلى أداة لتأجيج الصراع وصب الزيت على النار لابد أن يلتزم الجميع بقواعد العمل الإعلامي الصحيحة وأن يقتصر أداء الإعلاميين على متابعة التطورات الميدانية ..
وإذا كان لابد من التعبير عن الرأي والرأي الآخر فليكن ذلك من خلال مقالات الرأي والتحليلات حتى لا يختلط الأمر على الجمهور وتترك له حرية تقييم الموقف استنادا على حقائق ميدانية وليس على آراء ومواقف تحتمل الصواب والخطأ في آن واحد ..